غزة.. والتدمير الذاتى للأيديولوجيات الغربية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 6:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزة.. والتدمير الذاتى للأيديولوجيات الغربية

نشر فى : السبت 27 أبريل 2024 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 27 أبريل 2024 - 9:36 م

عائشة عبدالله تريم

تقول الكاتبة إن الحرب على غزة يبدو أنها أرغمت الأيديولوجيات الغربية مرة أخرى على ممارسة التدمير الذاتى، والانهيار تحت ضغط جيل من الأصوات الشابة المحتجة التى تطالب بالعدالة.

أشارت إلى اجتياح موجة من الاحتجاجات «المؤيدة لفلسطين» الجامعات فى جميع أنحاء أمريكا حاليا، أدت إلى اعتقال الطلاب وطردهم.

لقد أيد الغرب تاريخيا فكرة أن الجامعات يجب أن تكون ملاذا آمنا للتعبير عن الذات، ولكننا نشهد الآن مؤسسات جامعية مرموقة مثل كولومبيا وهارفارد تتخذ خطوات لقمع هذه الحرية وإسكات الأصوات المعارضة. بالنسبة للجامعات التى بنيت على قيم تعزّز النقاش وتشجع الحوار، فإن قيامها فجأة بتصنيف أى انتقاد لإسرائيل على أنه معادٍ للسامية هو أمر مخيب للآمال فى أحسن الأحوال.

إن مساواة الموقف المؤيد للشعب الفلسطينى بمعاداة السامية تشوه القضية من خلال الإشارة إلى كراهية عرقية غير مبررة.  تواجه إدارة بايدن انتقادات متزايدة لدعمها إلى ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه رد فعل انتقامى غير متناسب، بينما تجاهد من أجل معالجة الاحتجاجات المتصاعدة. تاريخيا، كان الحزب الديمقراطى يحشد الناخبات والناخبين الشباب ويعتمد على مشاركتهم النشطة لتعزيز قاعدته الانتخابية. ومع ذلك، فإننا نشهد تنازلات متزايدة فى موقفه، فقط للدفاع عن سياسات نتنياهو الانتحارية.  قللت الولايات المتحدة من أهمية التقارير التى تتحدث عن مقتل سكان مدنيين، وتجاهلت ادعاءات واسعة النطاق بارتكاب جرائم حرب، وبررت هذه التصرفات بعبارة واحدة: «لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها».

ويبدو أن هذا التبرير يمنح إسرائيل مجالاً فريدا من نوعه فى أعمالها العسكرية، وهو امتياز لا يُمنح لأى دولة أخرى. مرة تلو الأخرى، يتم التصديق على هذا الحق من خلال يد واحدة مرفوعة بـ«الفيتو» فى كل اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وهى اليد الأمريكية.

لقد تضاءلت مصداقية الغرب كسلطة فى مجال حقوق الإنسان، وأصبحت الآن شبه معدومة، فقد كلفته الحرب على غزة أكثر من مجرد أسلحة؛ وأعادته مئات السنين إلى الوراء وشوّهت صورته القيادية للإنسانية. لننظر إلى موقف الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما خلال احتجاجات الربيع العربى التى أشعلت الشرق الأوسط فى عام 2011.

فقد أدت هذه الاحتجاجات إلى انهيار العديد من الدول العربية، واندلاع حرب أهلية فى سوريا، وصعود تنظيم داعش، والتمرد والحرب الأهلية فى العراق، والاضطرابات فى مصر، والأزمات فى ليبيا واليمن.

واعتبرت إدارة أوباما، ونائبه آنذاك جو بايدن، هذه الاحتجاجات علامة على التقدم وولادة الديمقراطية. فى مصر، انحاز أوباما إلى الشارع وأنهى فجأة تحالفا طويل الأمد مع واحد من أقوى الشركاء فى المنطقة، الأمر الذى أدى إلى إبعاد الولايات المتحدة عن الرئيس حسنى مبارك على الفور تقريبا. كان الخطاب يدور حول تعزيز الحرية فى جميع أنحاء العالم وتحرير الناس من الديكتاتوريين القمعيين. ومع ذلك، فإن الأحداث التى سبقت يومنا هذا تشير إلى أنها كانت استراتيجية لسياسة «فرق تسد». ولم يستفد العالم العربى من ذلك، وقد لا تتعافى بعض المناطق أبدا من ذلك الربيع المدمر. بدأ الربيع العربى عندما أشعل البائع المتجول التونسى محمد بوعزيزى النار فى نفسه.

وصف الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما هذه اللحظة فى بيان ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 بأنها ملهمة: «لقد ألهمتنا الاحتجاجات التونسية التى أطاحت بالديكتاتور، لأننا رأينا انعكاسا لقيمنا فى تطلعات الرجال والنساء الذين ساروا فى الشوارع».

ومع ذلك، فى أمريكا عام 2024، وفى ظل حكم الحزب نفسه، لا نرى أى إلهام من الطلاب الذين خرجوا إلى الشوارع والجامعات. يبدو أنه لا يتم التعامل مع جميع الاحتجاجات على قدم المساواة، فالاحتجاجات على تراب الوطن لا يتم الترحيب بها ولا التسامح معها. اختتمت الكاتبة المقال مشيرة إلى ضرورة توخى الحذر عند وصف هذه الاحتجاجات بأنها «مؤيدة للفلسطينيين»، لأننا بهذه التسمية نفقد حقيقتها. هذه الاحتجاجات هى ضد عمليات التطهير العرقى، وهى رفض للأنظمة التى تدعم الاحتلال.

هذه الاحتجاجات فى جوهرها الحقيقى مؤيدة للإنسانية. إنها احتجاجات ضد النفاق ومن أجل الحق فى الحياة.  وإذا كان الخطاب السياسى يعكس الحقيقة، لتم الاحتفاء بهؤلاء الشباب الأمريكيين الشجعان بدلاً من طردهم. ومع ذلك، عزاؤنا يكمن فى معرفة أن الشباب أدركوا الحقيقة.. وهم اليوم لا يخشون التعبير عنها.

النص الأصلي:

التعليقات