معلمة للأدب الإنجليزى تطرح قضايا عن العنصرية والرأسمالية والمهاجرين في كتاب جديد - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 12:51 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معلمة للأدب الإنجليزى تطرح قضايا عن العنصرية والرأسمالية والمهاجرين في كتاب جديد

منى غنيم
نشر في: الجمعة 10 مايو 2024 - 7:31 م | آخر تحديث: الجمعة 10 مايو 2024 - 7:31 م

«لا يوجد شىء أعلى قيمة من التدريس الذى يشجع العقول الشابة على تجاوز الحدود»

فى محاولة لبناء جسور التواصل بين عالم الأدب الإنجليزى الكلاسيكى ذى الإيقاع الهادئ الملىء بالمشاعر الإنسانية الخام والمعانى الخيالية والبيانية الرقيقة، وبين عالم مراهقى اليوم الصاخب ذى الإيقاع السريع والملل من كل شىء وشبه انعدام التركيز، قامت معلمة أمريكية تُدعى كارول أثرتون بتأليف كتاب وضعت فيه عصارة تجربتها فى تدريس الأدب الإنجليزى للمدارس الثانوية فى الولايات المتحدة الأمريكية على مدار 25 عاما.


وأوضحت المعلمة «أثرتون» من خلال الكتاب - الذى يحمل عنوان «دروس فى القراءة» الصادر عن دار نشر «فيج ترى» التابعة لـ «بنجوين» فى الرابع من شهر أبريل الماضى - كيف يمكن للمعلم فى عالم اليوم أن يتواصل مع تلاميذه وينقل لهم المعنى والأهمية من قلب كلاسيكيات الأدب الإنجليزى؛ على غرار مسرحية «استجوابات مفتش» وهى مسرحية من ٣ فصول من تأليف الكاتب الإنجليزى جون بوينتون بريستلى وكتاب السيرة الذاتية للكاتبة الأمريكية من أصل إفريقى مايا إنجيلو بعنوان «أعرف لماذا يغنى الطائر الحبيس»، وغيرها.


وقالت إنها تستعمل دائمًا العبارات الحديثة والمعاصرة مع الطلاب فى نقاشاتها داخل الفصل؛ فعلى سبيل المثال لو تحدثت بشكل نمطى عن كتاب «دوقتى الأخيرة» للكاتب المسرحى الإنجليزى روبرت براوننج فلن تجد إلا «التثاؤب» من التلاميذ، ولكن عندما تعيد صياغة القصة الفيكتورية لدوق «فيرارا» فى القرن السادس عشر، الذى حوّل زوجته الأصغر منه بكثير إلى حيوان أليف ومن ثمّ قتلها، فإنها تستعمل عبارات تصف الدوق مثلًا بكونه «متلاعبا نفسيا”» أو Gaslighter، وهو مصطلح حديث، وهنا تتحول المناقشة فى الفصل الدراسى إلى مناقشة أكثر تفاعلية بكثير.


وهناك بعض الحبكات القصصية الأخرى التى قد تقدم زوجًا متسلطًا لا يسمح لزوجته بالخروج، أو أخًا متسلطًا يفرض على أخته نمطًا معينًا من الأزياء ويمنعها عن الخروج إلى الشارع بغيره أو من وراء ظهره، وهنا تتطرق المعلمة للحديث مع تلاميذها عن مصطلحات يفهمونها مثل التنمر الإلكترونى أو Cyberstalking التى تستهدف الشباب والأطفال فى عصرنا الحالى.
وعبر صفحات رواية «لا تقتل عصفورًا ساخرًا- To Kill a Mockingbird» للروائية الأمريكية هاربر لى، استطاعت «أثرتون» أن تشرح لتلاميذها العلاقة الطردية
والكيفية التى تتداخل بها عدم المساواة الاقتصادية مع التحيز العنصرى؛ وذلك لأن ممارسات العمل فى الجنوب الأمريكى فى ثلاثينيات القرن العشرين تتوافق بشدة مع الظروف الحالية التى يكدح فيها العمال المهاجرون من أوروبا الشرقية فى الحقول على بعد أميال قليلة من المدرسة، الذين يقضون يومهم فى قطف المحاصيل كالبطاطس وبنجر السكر التى يعتمد عليها الاقتصاد المحلى.

وناقشت «أثرتون» ذلك الأمر مع تلاميذها، فقالت: «كيف كان شعور هؤلاء النساء والرجال المهاجرين فى أوائل صيف عام 2016 عندما نظروا إلى الأعلى - وهم يتصببون عرقًا - ليقرأوا اللوحات الإعلانية التى تحث المواطنين على التصويت فى الانتخابات الرئاسية»؟ وفى نفس الوقت تقريبًا قررت أغلبية كبيرة من سكان منطقة «ذا فين» بإنجلترا برغبتها فى رحيل الأجانب والمهاجرين.

وقالت «أثرتون» إنه فى بداية حياتها المهنية، كان هناك وقت لحث التلاميذ على القيام بما هو أكثر من مجرد قراءة النص ومناقشته؛ فكانت تطلب منهم على سبيل المثال أن يكتبوا قصة إحدى الشخصيات فى رواية «لا تقتل عصفورًا ساخرًا» مثل المتهم خطأً توم روبنسون، أو الطاهية «كالبورنيا»، وكان من الممكن أن يتخيلوا أنفسهم فى ضوء شخصية «ماجويتش» فى رواية «توقعات عظيمة» للروائى الإنجليزى الكبير تشارلز ديكنز، وهو الرجل المسن الذى كان مهووسًا بتحويل صبى الحداد «بيب» إلى رجل نبيل، ولكن فى عصرنا هذا ، لا يتيح المنهج الدراسى وقتًا لهذا النوع من الاستكشاف الأدبى، أو كما قالت «أثرتون»: «كل هذه السبل الأدبية مثيرة للاهتمام ويجب استكشافها فى مرحلة ما، أما الآن علينا أن نلتزم بالطريق الرئيسى ناصبين أعيننا للأمام مباشرة».


وتضمن الكتاب أيضًا أحداث حقيقية من حياة «أثرتون» شرحت من خلالها لماذا تتربع مهنة التدريس، بالنسبة لها، على قمة الهرم الوظيفى والإنسانى، فبالرغم من نشأتها المتواضعة لوالدين من الطبقة العاملة، إلا أنا أصرت على التعلُّم، والتحقت بجامعة أكسفورد، وأجرت بحثًا لدرجة الدكتوراه حول تطور الأدب الإنجليزى كمادة أكاديمية، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية.


وكشفت «أثرتون» عن أنها لا تشعر بالحزن عندما يتعجب تلاميذها لكونها تعمل «معلمة» فحسب بالرغم من حصولها على درجة الدكتوراه وترقيها الأكاديمى؛ وأوضحت أن ذلك التعجب معقول تمامًا لأنه يأتى من جيل قيل له إن التعليم هو عمل تجارى بحت، أما الحقيقة بالنسبة لـ «أثرتون» فهى بساطة أنه لا يوجد شىء أكثر قيمة من التدريس الذى يشجع العقول الشابة على تجاوز الحدود التى أنشأتها خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعى، وهو المكان الذى يعيش فيه تلاميذها كما تصفه، وإطلاق العنان لخيالهم وأفكارهم الخاصة وقدرتهم على التعبير.

وعلى عكس أى موضوع فى العلوم الأساسية، فإن «ممارسة اللغة الإنجليزية» تتطلب من القراء الشباب الدخول - ولو بشكل افتراضى - فى حياة الآخرين من خلال الحبكة، وهذا بالنسبة لـ «أثرتون» يظل أعظم مهارة تعليمية على الإطلاق.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك