نوة مبادرات تضرب مصر

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الجمعة 1 فبراير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

فجأة أمطرت السماء مبادرات وتحركات واتصالات من أجل الحوار، وكأنهم اكتشفوا اختراعا جديدا اسمه الحوار فجأة..أو أنهم شبعوا من الدم المراق ثمنا لمراهقاتهم ونزواتهم فقرروا أن يسلكوا على عكس ما يقولون، وينقلبوا اليوم على ما تمسكوا به أمس.


إن الأمر يحتاج إلى كمية خرافية من مثبتات العقل حتى يمكن استيعاب أن يطالب بعض المبادرين بحوار فى حضور وزير الداخلية بعد ساعات من المطالبة بإقالته ومحاكمته وتحميله المسئولية عن القتل والحرق، كما أنه غير مفهوم على الإطلاق أن يدعو أخرون إلى حوار بضمان وزير الدفاع بعد أن يفوضه أو يوكله رئيس الجمهورية بالتحاور مع القوى السياسية.

 

وبصرف النظر عن أن وزير الدفاع متهم من قبل المطالبين به ضامنا بأنه «متأخون» ورجل الرئيس وبصرف النظر أيضا عن أنه لا يستقيم منطقا أن يكون المكلف حكما بين من عينه وكلفه وبين خصومه، فإن هذا الإلحاح المتجدد على استدعاء العسكريين للسياسة ينم عن رغبة دفينة لا تنقطع ووهم معشش فى بعض الأدمغة بأن انقلابا قد يأتى.

 

وهذا الحنين الطاغى إلى العسكرة ليس حبا فى العسكر بقدر ما هو انتهازية سياسية تقبل أى شىء من أى أحد مادام من الممكن أن يؤدى إلى إسقاط رئيس ليس على الهوى.

 

ومن مفارقات هذه النوة الحوارية أيضا أن بعضها يلف ويدور حول ترتيبات ملعب الانتخابات المقبلة، ومن ثم هى إلى التحالفات والتجبيهات الانتخابية أقرب منها إلى كونها محاولات للخروج من المأزق الراهن، ويبدو مدهشا هنا هذا الحماس «الإنقاذى» لمبادرة «النور» حزب الدعوة السلفية.

 

ويثير الدهشة كذلك تلك الاستجابة السريعة لمبادرة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الآن، على الرغم من أن شيخ الأزهر بنفسه سبق أن دعا كل الأطراف للمشاركة فى الحوار الوطنى فى بداية جلساته حين كان على رأس الحضور.

 

وفى ذلك لا يملك أى محب لهذا البلد وحريص على دماء أبنائه إلا أن يدعم بكل السبل ما جرى فى مشيخة الأزهر أمس ويسعى إلى إنجاحه ووضعه موضع التنفيذ، غير أن ذلك لا يمنع من أن يمارس الناس حقهم فى الاندهاش والتعجب من أولئك الذين طالما رفضوا حكم العسكر ثم ينادون بأن تمارس الأمور السياسية بضمانات عسكرية. والذين رفضوا المواد الخاصة بالأزهر كمرجعية فى الدستور الجديد، ثم يهرولون إلى الحوار السياسى بإشراف الأزهر.

 

ما كل هذه التناقضات؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved