«فضيحة»..وشير في «الخير»!

أحمد بهاء الدين
أحمد بهاء الدين

آخر تحديث: الأربعاء 1 أبريل 2015 - 6:35 م بتوقيت القاهرة

«العربية فيها عيوب تصنيع»!.. عبارة تمتلئ بها مواقع التواصل الاجتماعي!.. صور لحوادث وتعليقات في معظم الأوقات «مضحكة» بالنسبة لي شخصيا!.. ظاهرة بدأت في الانتشار بقوة، لو اصطدمت سيارتك انشر الصور على صفحتك الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، مع تعليقات «سُخنة» تتعلق بعيوب التصنيع ثم أكتب «شير في الخير» أو «ساهم في توعية الناس»...إلخ

أيام قليلة وربما ساعات قليلة وسوف تنتشر صور سيارتك بين مستخدمي الإنترنت، ربما تتداولها بعض «الصُحف» وعدد من برامج التوك شو في «السهرة» أيضا!.. تعليقات من نوعية: «حسبنا الله ونعم الوكيل» و«العربية دي رديئة وفيها عيوب تصنيع ودي حاجه معروفة جدا» و«التوكيل دا معروف إنه مش محترم» و«بالذمه حد يدفع فلوس في العربية دي» أو «العربية كويسه بس الوكيل وحش».. ولا داعي لسرد المزيد من التعليقات فجميعنا يعرفها جيدا وربما كتب مثلها يوما ما!.

كبداية لحديثي الذي ربما لن يعجب الكثير من المتابعين، لا يمكن إنكار عيوب الصناعة في السيارات، سواء المستوردة أو المجمعة محليا، كما كتبت مرارا فإن أغلى السيارات الرياضية وأقلها إنتاجا لم تخلو من تلك العيوب التي تعد واقعا في صناعة السيارات مثل أي صناعة أخرى.
ولكن ما يضحكني في معظم الأحيان؛ صور الحوادث التي أصبحت أشاهدها بشكل مستمر وإقرار مالكها دائما بعدة أمور؛ أولا وقع الحادث بسبب عيوب صناعة في السيارة، ثانيا؛ الحادث «كان بسيط» ولا يؤدي تحت أي ظروف لهذا الكم من الخسائر التى كانت نتيجة مباشرة للعيوب والصناعة الرديئة!.

وغيرها من الأمور التي تعرفوها جيدا أيضا، ولكن الأهم من ذلك هي النتائج!.. فأي صورة من تلك النوعية تلقى تشجيعا «مدهش» على مواقع التواصل، يجب أن تتحول تلك الصورة إلى «فضيحة بجلاجل» للوكيل بناءا على أراء المئات من المستخدمين الذين أصبحوا فجأة «وبقدرة قادر» جميعا خبراء في السيارات وصناعتها وعيوبها!.

مبدئيا، وتحت أي ظروف لا يمكن لأي شخص مهما كانت خبرته الحكم على حادث من صورة!.. فالحوادث تتداخل فيها الكثير من العوامل، منها عوامل فيزيائية بحته!.. فقد يؤدي تصادم على سرعة 50 كم/س إلى إصابات بالغة أو ربما الوفاة، في الحين الذي ينجو فيه قائد السيارة والركاب دون أي إصابات من حادث وقع على سرعة 100 كم/س أو أكثر!.

سرعة السيارة ليست العامل الوحيد وربما ليس الأكثر أهمية في تحليل الحادث، العوامل المحيطة دائما هي الأهم فالاصطدام بسيارة أخرى على سبيل المثال، تلعب سرعتها واتجاهها ورد فعل قائدها لحظة وقوع التصادم عوامل كثيرة، أيضا إن وقع التصادم بعنصر ثابت مثل الحوائط والأرصفة والأسوار.. كيف لك أن تحدد من صورة كل هذه العوامل؟!

هناك عوامل أخرى تقع تحت مسؤولية قائد السيارة بشكل مباشر، مثل حالة الإطارات وسلامة نظام التوجيه وزوايا العجل وحالة الفرامل.. من المؤكد أنك لا تستطيع أيضا تقييم تلك العناصر وكفاءتها من الصورة، ولا يجب أن نغفل أيضا حالة السائق نفسه؛ الجسدية والنفسية.

من ناحية أخرى وفي لغتنا الدارجة يقال دائما: «كله بتمنه» فليس منطقيا على الإطلاق أن تقوم بشراء سيارة بها قائمة ضخمة من الكماليات التي تحملها فئة السيارات الفاخرة بأقل من ربع الثمن وتتوقع أداءا مماثلا!.. إن كنت تبحث عن الأمان في المقام الأول يمكنك شراء سيارة أوروبية الصنع حاصلة على خمسة نجوم في اختبارات التصادم وبها باقة تجهيزات جيدة على مستوى الأمان ولكنها لا تحمل جميع الكماليات التي قمت بالسعي إليها في البداية!.

عندما تصادفك صورة من تلك النوعية مرة أخرى، «فكر» قليلا قبل نشرها ليس خوفا على الوكيل!.. فمهمة أقسام التسويق لدى الشركات والوكلاء التعامل مع تلك المشاكل وحلها، ولكن «فكر» في حجم «الفزع» الذي قد يُصاب به مالكي تلك السيارة التي تحمل «عائلاتهم» بشكل يومي!.. من الأفضل أن لا تورط نفسك في «إرهاب» المزيد والمزيد من مستخدمي الطريق، إعادة نشرك للصور والتعليقات دون خبرة ومعرفة وعلم «يؤذي» ولا يفيد!.. من المؤكد أنه في مثل هذه المواقف «الشير مش في الخير»!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved