اقتراح بهيئة للتفاهم مع الشباب المعارض

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 1 نوفمبر 2014 - 7:40 ص بتوقيت القاهرة

خلال سنوات دراستى بكلية الإعلام «1982 ـ 1986»، كنا مجموعة من طلاب جامعة القاهرة أعضاء فى «نادى الفكر الناصرى»، نعقد بعض اجتماعاتنا فى حديقة الأورمان المواجهة للجامعة ظنا منا أن المخابرات الأمريكية، و«أمن الدولة» يتنصتون علينا!

كنا متمردين على كل شىء وكل سلطة، كنا أبرياء جدا، وكنا نعتقد أننا نملك اليقين المطلق وغيرنا على خطأ كامل، كانت أحلامنا فى السماء، وأننا سنغير العالم بمجرد تخرجنا فى الجامعة.

تخرجنا، وبدأنا نفهم أن المخابرات الأمريكية غير منشغلة بنا إلى الحد الذى نتصوره!، ثم اكتشفنا أن الواقع أصعب مما نتصور، وشيئا فشيئا عرفنا أن البلد يحتاج إلى الكثير ليخرج من أزمته.

لكن الذى ظل ثابتا فى يقينى أن كل الشباب أمس واليوم وغدا يفكر بنفس الطريقة التى كنا نفكر بها، وبالتالى علينا أن نرفق بهم ونتفهمهم ونضع ذلك فى أذهاننا ونحن نجلد هذا الشباب كل يوم ونتهمه بكل التهم الممكنة وغير الممكنة.

الكلام السابق تمهيد مهم جدا من أجل الكلمات التالية التى قد تصدم البعض، وقد يتم اتهامى بعشرات التهم.. لا يهم كل ذلك، لكن كل ما أرجوه ممن يهمهم الأمر أن يفكروا فى الموضوع بشكل مغاير ومختلف بعيدا عن الاتهامات الجاهزة فربما نجد حلا للمشكلة.

المشكلة هى أنه فى كل يوم تقوم أجهزة الأمن بالقبض على العشرات خصوصا من الشباب وتودعهم السجون على ذمة قضايا مختلفة، كما تقوم إدارات الجامعات بفصل عشرات الطلاب على ذمة قضايا مختلفة.

مبدئيا لا يمكن لأحد أن يلوم أجهزة الأمن لأنها قبضت على أى شخص متهم بالإرهاب أو الاعتداء على المنشآت العامة، بل سنقوم بلومها لو لم تفعل ذلك.

وبنفس القياس ينبغى على الجامعات المصرية أن تتخذ أشد الإجراءات الممكنة لردع كل من تسول له نفسه أن يدمر أو يخرب فى الجامعة أو يعطل الدراسة.

لدينا مشكلة أو معضلة خطيرة وهى ضرورة التصدى للشباب خصوصا الطلاب الذين يعطلون العملية التعليمية، وفى نفس الوقت ضرورة ألا نحول كل هؤلاء الشباب صغار السن إلى جيش جرار ينضم للإخوان أو للجماعات الإرهابية أو يكفر بكل شىء.

المشكلة تتمثل فى أننا قد نقضى على الخطر الذى يمثله بعض شباب الجامعات الآن لمدة عام أو عامين عبر فصلهم أو القبض عليهم، لكن علينا أن نفكر أيضا فى سيناريو أخطر، هو أن هؤلاء الشباب سيتحولون إلى العمل السرى أو الإرهابى.

قد يقول البعض: «وماله، ماداموا مجرمين ويخالفون القانون؟!

ولأصحاب وجهة النظر هذه نقول: قد يكون كلامكم صحيحا لكن ثمنه سيكون فادحا. فماذا نحن فاعلون؟!

شخصيا لا أملك إجابة حاسمة عن هذا التساؤل، لكننى أقترح البدء فورا فى دراسة القضية الآن قبل أن تتفاقم غدا. نعود إلى لب الموضوع مرة أخرى ونسأل: وماذا سيفعل المجتمع مع هذه المجاميع الآخذة فى التزايد من الشباب الصغار الذين يتم القبض عليهم فى جرائم مختلفة مثل التظاهر، وسائر الاحتجاجات غير العنيفة؟!.

اقتراحى البسيط هو ضرورة وجود هيئة أو لجنة أو مؤسسة تضم مسئولين وخبراء سياسة وأمن واجتماع وعلم نفس تقدم توصيات للقيادة السياسية للتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة واقتراح حلول عملية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لها.

مرة أخرى علينا ونحن نبحث المشكلة أن نفرق كثيرا بين شباب حملوا السلاح ولم يعد هناك أمل فى عودتهم من كهوف سيناء أو صحراء ليبيا أو بعض المخابئ بالمحافظات، وبين شباب يختلفون مع الحكم بالآراء أو الكتابات الإعلامية، وقد يكونون مفيدين لصورة البلد بالخارج والأهم لمناعته ضد الإرهاب بالداخل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved