الوضع فى سوريا

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 1 نوفمبر 2017 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة كل الأردن مقالا للكاتب «لبيب قمحاوى» وجاء فيه، فى الوقت الذى تتداول فيه وسائل الإعلام باهتمام ملحوظ تطورات الموقف فى سوريا، من المهم وضع الجميع فى صورة الشواخص الرئيسية فى الوضع الحالى والتى سوف تؤثر حتما على صيغة الحل النهائى للصراع الدائر هناك.

كل من يريد معرفة حقيقة ما يجرى فى سوريا الآن دون عواطف أو مواربة وبغض النظر عن الأسباب والمسببات لما جرى وما سيجرى، فإن الحقائق التالية يجب أن تبقى ماثلة فى الذهن طوال الوقت لأنها ستحدد طبيعة الحل النهائى للحرب الدائرة فى سوريا، علما أن معظمها حقائق مفروضة من الآخرين على سوريا وعلى الشعب السورى:

أولا: الوجود الروسى والأمريكى على الأرض السورية هو الأهم والأكثر تأثيرا على مستقبل سوريا، وهذا الوجود يبقى بعيدا عن التنافس ويعكس وجود تنسيق مستمر بين الفريقين واعترافا متبادلا بحق كليهما فى الوجود على الأرض السورية، وبالتالى احتراما متبادلا من كل فريق لمصالح الفريق الآخر من وراء ذلك التواجد.

ثانيا: هنالك جيوش رسمية أجنبية روسية وأمريكية وتركية تعمل الآن فى سوريا بشكل رئيسى ومباشر بالإضافة إلى قوات شبه عسكرية لكل من إيران وحزب الله، وقوات شكلية من أوروبا.

ثالثا: لقد أصبحت سوريا عبارة عن مناطق نفوذ مدعومة بقوات عسكرية تابعة لكل من روسيا وأمريكا وتركيا، وهكذا فإن الأراضى السورية أصبحت عبارة عن مناطق نفوذ خاضعة لدول أجنبية ولكن ضمن مسمى الدولة السورية التى تحولت عمليا من دولة مركزية إلى دولة هلامية ذات ولايات مطاطية لا تشمل سيادتها مجمل الأراضى السورية، علما أن الوضع النهائى ما زال قيد التشكيل. ولكن تبقى الحقيقة أنه عندما تتحول أى دولة مركزية إلى أى صفة أخرى، فإن ذلك يعنى عمليا التقسيم حتى لو لم يتم إعلان ذلك رسميا.

رابعا: القوات الروسية لن تنسحب من سوريا فى المدى المنظور، وأمريكا أعلنت أخيرا أن عملياتها العسكرية فى سوريا بعيدة جدا عن الانتهاء، ووجود القوات التركية فى سوريا مرتبط بالمصير النهائى لشمال سوريا وبالتحديد المناطق الكردية وكذلك مصير أكثر من مليونى لاجئ سورى فى تركيا، وهذا يعنى أن بقاء مجموع تلك القوات على الأراضى السورية فى المدى المنظور هو أمر شبه مؤكد.

خامسا: تحاول روسيا فرض رؤيتها على ما يتوجب أن تكون عليه الخارطة الداخلية لسوريا والعلاقات بين أبناء الشعب السورى والذين تصفهم روسيا «بالشعوب السورية» مع تجاهل واضح لعروبة سوريا، ناهيك عن محاولاتها المستمرة لصياغة دستور جديد ينسجم مع الرؤية الروسية ومصالحها. أما أمريكا فهى أكثر اهتماما بالتبعات الإقليمية للحل النهائى للصراع فى سوريا بما فى ذلك مستقبل «حزب الله» والدور الإيرانى فى مستقبل سوريا والمنطقة، كل ذلك بالطبع، ضمن الرؤية والمصلحة الإسرائيلية.
أساس الموقف الروسى هو رغبة روسيا فى البقاء فى سوريا لأمد طويل جدا وبالتالى أهمية تفصيل الوضع الداخلى فى سوريا على مقاس الأهداف الروسية، فى حين أن أساس الموقف الأمريكى هو مصالح أمريكا الإقليمية والتى تعتبر سوريا جزءا منها وليس اللاعب الوحيد فيها.

سادسا: مستقبل الوجود العسكرى الإيرانى فى سوريا وكذلك حزب الله مؤقت ولن يسمح لهما بلعب دور فى تحديد المستقبل النهائى لسوريا وذلك باتفاق روسى ــ أمريكى صامت.

سابعا: إن كيفية حسم الصراع فى سوريا وطبيعة الحل النهائى سوف تراعى بالنتيجة المصالح الإسرائيلية خصوصا وأن روسيا وأمريكا تتمتعان بعلاقات استثنائية مع إسرائيل تحت إدارة نتنياهو.

ثامنا: بغض النظر عن الأدوار السيئة والسلبية التى لعبتها بعض الدول العربية فى بداية الصراع، فإن أى دور عربى فى سوريا قد أصبح الآن هامشيا جدا وغير موجود وغير مؤثر كونه استنفذ أغراضه فى إعطاء الآخرين العذر والفرصة للتدخل العسكرى المباشر فى سوريا وتدويل الصراع الداخلى فيها.

هذه هى المؤشرات الرئيسية حتى الآن وهى حقائق ووقائع يجب الانتباه إليها بغض النظر عن أى رأى أو موقف سياسى. فى كل الأحوال، من الضرورى الانتباه إلى أن بقاء النظام السورى لا يعنى انتصار سوريا، إن وحدة الأراضى السورية والشعب السورى واستقلال إرادته هى النصر الحقيقى المنشود والمطلوب بغض النظر عن بقاء النظام من عدمه.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved