مفارقات

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: السبت 2 يناير 2016 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

وفى الحصاد المصرى لعام 2015، تحضر مجموعة من المفارقات الصادمة التى تدلل على استباحة السلطة لحقوق وحريات الناس وعبثها الدائم بسيادة القانون.

الحقيقة: تتحكم الأجهزة الأمنية فى الجامعات الحكومية وتوعز لإداراتها فصل عدد من الأساتذة والأكاديميين وأعضاء الهيئات المعاونة (المشار إليهم هنا هم المدرسون المساعدون والمعيدون) بسبب انتماء بعضهم لجماعة الإخوان المسلمين ورفض بعضهم الآخر الصمت على المظالم والانتهاكات واحتجاج بعضهم الثالث على إلغاء المسار الديمقراطى.
الموقف الرسمى كنقيض للحقيقة: سلطات الدولة تكفل الحرية الأكاديمية، والأجهزة الأمنية لا تتدخل أبدا فى الشئون العامة. فصل بعض الأساتذة والأكاديميين من الجامعات جاء تنفيذا لنصوص قانونية واضحة.
الحقيقة: تسلب حرية بعض الصحفيين والباحثين المستقلين، كما حدث فى خواتيم 2015 مع الصديق الأستاذ هشام جعفر وزميله الأستاذ حسام السيد وكذلك مع الأستاذ إسماعيل الإسكندرانى. وللإبقاء عليهم وراء الأسوار، توظف السلطات وجهات التحقيق التعديل القانونى الكارثى الذى أدخل على مواد الحبس الاحتياطى وألغى حده الزمنى الأقصى.
الموقف الرسمى كنقيض للحقيقة: سلطات الدولة تكفل حرية التعبير عن الرأى، بل نحن فى أزهى عصور الحرية هذه. المحبوسون من الصحفيين والباحثين متهمون إما بالانتماء إلى جماعة محظورة أو بنشر أخبار كاذبة أو بتكدير السلم العام أو بتهديد الأمن القومى.
الحقيقة: تسلب حرية عدد من أعضاء الحركات الاحتجاجية كحركة 6 ابريل وبعض الطلاب والعمال من المعروفين بنشاطهم المستقل ومن غير المتورطين فى العنف. ثم يلقى بهم تباعا خلف الأسوار، فى مشهد يظهر توتر السلطة وأجهزتها الأمنية وغلبة النزوع إلى الإجراءات القمعية.
الموقف الرسمى كنقيض للحقيقة: سلطات الدولة تكفل العمل السلمى الحريص على المصالح الوطنية والمبتعد عن المتآمرين والمتربصين الراغبين فى هدم الوطن وتخريبه. جميع من ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليهم تورطوا فى جرائم تهدد البلاد والعباد، كتعليق لافتة مناهضة للحكم أو التعبير عن رأى سلبى على مواقع التواصل الاجتماعى أو رفض الصمت على المظالم والانتهاكات. وللقضاء الكلمة الأخيرة.
الحقيقة: يتواصل تواتر الأنباء عن حالات اختفاء قسرى ويتصاعد التداول الشعبى لشهادات الأهل المكلومين، تماما مثلما تتوالى شهادات ضحايا التعذيب داخل أماكن الاحتجاز وترشح إلى المجال العام أسماء بعض من تسبب التعذيب الممنهج فى فقدان حقهم الأصيل فى الحياة.
الموقف الرسمى كنقيض للحقيقة: سلطات الدولة تحترم حقوق الإنسان. لا توجد لدينا لا معتقلات ولا حالات اختفاء قسرى ولا تعذيب ممنهج. والتجاوزات الفردية للبعض فى الأجهزة الأمنية تحال فورا إلى القضاء.
الحقيقة: تنصرف قطاعات شعبية واسعة عن «الأذرع الإعلامية» التى تبرر للسلطة الحاكمة القمع وتروج لعبادة الحاكم الفرد وتشوه معارضيه. وتعزف عن المشاركة فى الشأن العام على النحو الذى أكدته النسب الفعلية للمشاركة الشعبية فى ملهاة الانتخابات البرلمانية.
الموقف الرسمى كنقيض للحقيقة: المصريون جميعا على قلب رجل واحد. التزامهم المصلحة الوطنية يدفعهم إلى تأييد رئيس الجمهورية، والوقوف بجانبه وهو يواجه مؤامرات أعداء الوطن فى الداخل والخارج. المعدلات المعلنة لمشاركة المواطنين فى الانتخابات البرلمانية 2015 كانت جيدة، ولم تبتعد عن المتوسط العام للسنوات الماضية.
الحقيقة: تمعن السلطة فى استغلال الدين والمؤسسات الدينية، بجانب الأذرع الإعلامية طبعا، لتبرير أفعالها وتمرير إخضاعها للمجتمع وللمواطن وتعقبها للمعارضين. فالمشاركة فى ملهاة الانتخابات البرلمانية 2015 كانت «واجبا دينيا» والعزوف عنها «كعقوق الوالدين»، أما البرلمان الذى جاءت به الأجهزة الأمنية فأصبح «من اختيار الناس» ولم يعد به مكان إلا للعناصر المخلصة.
الموقف الرسمى كنقيض للحقيقة: مصر تعيش أزهى عصور الدولة المدنية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved