رسائل السيسى من مسرح الجلاء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 2 فبراير 2015 - 8:10 ص بتوقيت القاهرة

عندما كان السياسيون والإعلاميون والشخصيات العامة فى انتظار دخول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى مسرح الجلاء صباح أمس، كانت الشاشة الكبرى للمسرح تعرض أغانى وطنية ولقطات فيديو لأسر شهداء الجيش والشرطة الذين سقطوا فى العمليات الإرهابية الأخيرة.

الذى لفت نظرى أن الصور المصاحبة للأغانى كانت عمليات أجهزة الأمن ضد الإرهابيين، أو صور للإرهابيين وهم يرفعون أعلام القاعدة فى سيناء خلال تنفيذهم لأعمالهم الإرهابية.

فى أذهان كل المصريين فإن الأغانى الوطنية ارتبطت بمعاركنا ضد العدو الصهيونى، والآن انقلبت الآية، وفرض علينا الإرهاب والإرهابيون والتطرف والمتطرفون واقعا صعبا ومأساويا، صارت الأغانى الوطنية ونحن نقاتل مضطرين جزءا من أبناء مجتمعنا تم غسل أدمغتهم أو تجنيدهم لأعمال لا يستفيد منها إلا عدونا الرئيسى وهو إسرائيل.

قبل حضور الرئيس بنصف ساعة قابلنى أحد الحاضرين، وكان يجلس فى الصف الثانى إلى اليسار، وقال لى انظر إلى هذا الكرسى ولماذا لم يحضر صاحبه.

كان الاسم الموجود على الكرسى للأستاذ حمدين صباحى. قلت لمن سألنى: أنا واثق أنه سيحضر، وبالفعل صدق حدسى وجاء صباحى، وشكرا لمن دعاه، وشكرا له لأنه أكد أنه قد يختلف مع بعض التوجهات أو السياسات لكنه مع بلده وشعبه وجيشه وشرطته عندما يكون هناك خطر محدق بالوطن.

فى ظنى الشخصى أن الرئيس استطاع أمس بمهارة أن يهدئ الغضب الشعبى العارم عقب عملية العريش الإرهابية.

هو قال بوضوح إنه لن يكبل أيدى القوات عن الثأر من الإرهابيين لكنه استدرك بسرعة مشترطا ألا يكون هناك ظلم وأن يكون الأمر فى إطار القانون.

استطاع السيسى أن يداوى تماما الآثار الكارثية لمقتل شيماء الصباغ حينما قال بوضوح إنها شهيدة وإنها مثل ابنته، وطلب من وزير الداخلية أن يقدم القاتل إلى النيابة بأسرع وقت، وألمح إلى أنه حتى لو ثبت أن القاتل من الشرطة فليس معنى ذلك أن نهدم هذه المؤسسة. وعندما وقف اللواء محمد إبراهيم متعهدا أمام الجميع بتقديم القاتل بنفسه للنياية إذا ثبت أنه من الشرطة كانت الرسالة لكل أفراد وجنود وضباط الشرطة أن ما حدث لا ينبغى أن يتكرر.

عندما قال الرئيس أن شيماء الصباغ هى مثل ابنته وشهيدة، اكفهر وجه بعض الزملاء الإعلاميين الذين «شنعوا» عليها وأحدهم قال لى: «افرح يا سيدى.. الريس أنصفكم»، فقلت له «لقد أنصف الحق والعدالة والقانون».

كان الرئيس موفقا أيضا حينما أشاد بالدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور ووصفه بالمحترم وطالبه بالتصدى للأفكار المتطرفة، وهى رسالة أيضا لمجموعة كبيرة من الإعلاميين والسياسيين تريد أن تكسب المزيد من الأعداء للدولة بكل الطرق وتضم النور إلى الإخوان.

كان الرئيس موفقا حينما أشاد بدور المرحوم الملك عبدالله بن العزيز والشيخ محمد بن زايد ولى عهد الإمارات وما قدماه لمصر، لكن كان واضحا جدا أن الرئيس لم يتحدث بالمرة عن الملك سلمان وهو ما عزز التكهنات بأن هناك ربما بعض الغيوم فى سماء العلاقات.

داعب الرئيس أكثر من مرة الكاتب الكبير عبدالله السناوى وناقشه فى أكثر من فكرة طرحها السناوى فى مقالاته بالشروق خصوصا عن «تململ الكتلة الحرجة»، والمعنى الذى أفرحنى أن الرئيس يتابع بدقة كل الكتابات الجادة والمحترمة والوطنية.

كان الرئيس موفقا جدا حينما طلب من بعض الحضور الصعود إلى خشبة مسرح الجلاء والتقاط صورة تذكارية.

ومن سوء الحظ لم يكن مع الصحفيين كاميراتهم وأجهزة هواتفهم كى يلتقطوا الصورة المعبرة للرئيس وهو يحضن حمدين صباحى، أو كل قادة العمل السياسى والوطنى فوق خشبة المسرح وهم يهتفون تحيا مصر ،أو صورة ليونس مخيون وهو يحضن المخرج خالد يوسف.

عندما تم عرض صور بكاء أهالى الشهداء خلال تشييعهم، رأيت الدموع تملأ أعين معظم الحاضرين، لأن المشهد كان شديد التأثير، وعندما انتهى اللقاء هتف الجميع تحيا مصر.

والرسالة التى وصلتنى أمس أن الإرهاب لا يمكن أن ينتصر فى مصر

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved