العوض على الله!

نجاد البرعي
نجاد البرعي

آخر تحديث: الإثنين 2 مارس 2015 - 1:10 م بتوقيت القاهرة

الخبر نشره موقع «اليوم السابع» الجمعة الماضى. الحكومة تحيل ٧ مواد تتعلق بجرائم الاختلاس والتربح والاستيلاء على المال العام إلى لجنة «الاصلاح التشريعى» تمهيدا لاصدارها. من بين تلك التعديلات نص يقول «لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق فى جرائم إخلال موظف عام عمدا بواجبات وظيفته بقصد الإضرار بأموال أو مصالح الجهة التى يعمل بها أو أموال الغير أو مصالحهم المعهود بها لتلك الجهة إلا بطلب من رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه»!!.

يمثل التشريع المقترح من الحكومة حماية للفاسدين وتدخلا معيبا فى شأن القضاء. يقوم الموظف العام ــ أى موظف عام ــ «بالاضرار العمدى» بأموال الجهة التى يعمل بها أو أموال الغير أو مصالحهم، ومع ذلك لا تستطيع النيابة العامة ان تحقق معه، أو إقامة الدعوى الجنائية عليه إلا بعد ان يطلب منها رئيس مجلس الوزراء ذلك! فإن لم يصدر هذا الطلب فاز اللص بالغنيمة! يتيح هذا التشريع ــ ان صدر ــ للسلطة التنفيذية ان تقدم حماية للفساد عندما تريد، وان تمنع السلطة القضائية من ممارسة واجبها فى التحقيق فى الجرائم ورفع الدعوى الجنائية عنها عندما ترى ان ذلك ضد مصلحتها. السلطة التنفيذية وفقا لهذا النص هى من يحدد متى يعتبر الامر جريمة يجب على القضاء ان يحقق فيها ومتى لا يعتبر جريمه يفلت مرتكبها من عقاب القانون.

لم يعد نص القانون يخضع لشرط العمومية والتجريد، اصبح القانون يطبق على هوى رئيس الوزراء الذى لو قرر عدم بدء تحقيق فى عمليات الاضرار العمدى بالمال العام فإن النظام القضائى كله سيقف عاجزا عن الوصول إلى المتهم وانزال حكم القانون فيه.

ماذا لو كان الموظف العام الذى أضر بأموال الجهة التى يعمل بها «عمدا» هو رئيس الوزراء نفسه. من سيأذن للنيابة العامة ببدء التحقيق معه؟ أم ان ذلك معناه إضفاء حصانة على أعمال رئيس الوزراء فيما يتعلق بالتصرف فى أموال الدولة؟. فى ٢٨ أغسطس ٢٠١٤ قال رئيس الوزراء فى كلمته خلال اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى «إن المادة 218 بدستور 2014، تؤكد التزام الدولة بمكافحة الفساد وتعزيز قِيم النزاهة والشفافية، ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام». التعديلات التى تطرحها الحكومة اليوم تؤكد ان ما قاله رئيس الوزراء كان «طق حنك». لا أجد دليلا على ان الدولة جادة فى محاربة الفساد. تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات التى تتضمن اتهامات واضحة لأشخاص بعينهم بالاستيلاء على مبالغ ضخمة لا يتم التعامل معها بما تستحقه من جدية. لا يبدو ان هناك أملا فى إصدار قانون للوصول إلى المعلومات.

تحاول الحكومة بحجة تشجيع الاستثمار تمرير تشريعات تمنع القضاء من ملاحقة الفاسدين. العوض على الله.

negad2@msn.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved