أخبار سيئة للحالمين والمتآمرين

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 3 أبريل 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بغض النظر عن النهاية التى سيؤول إليها الصدام بين الإخوان والمجلس العسكرى أو الإخوان والتيار الليبرالى فإن هناك أخبارا سيئة تنتظر كل حالم أو متآمر أو متواطئ يعتقد أن منصب رئيس الجمهورية المقبل سيكون من أجل «الأبهة والمنظرة» أو تنفيذ أجندة موضوعة سلفا تخدم هذه الجهة أو تلك ولا تراعى مصالح الشعب الحقيقية.

 

لو أن الحالمين بمنصب الرئيس يعتقدون أنهم سيمارسون نفس صلاحيات حسنى مبارك ونفس طريقته فى الحكم والنظر إلى الشعب بمبدأ «أنا ربكم الأعلى»، فعليهم أن يفيقوا من أوهامهم على حقيقة جديدة أن تحذير الشعب أو ترويضه صار شيئا مستحيلا.

 

الشعب خرج فعلا من القمقم الذى عاش فيه طويلا ولن يعود إليه مرة أخرى. صحيح أن معظم أحزابنا السياسية فاشلة أو تافهة أو متواطئة أو عاجزة ــ لم تحصل مجتمعة على عشرة فى المئة من ثقة الشعب ــ وصحيح أن معظم نخبتنا انفصلت عن الواقع وتغرد إما فى تويتر أو الفضائيات، وصحيح أن الشباب الذين أشعلوا الثورة تعرضوا لأكبر عملية نصب وسرقة عرفها تاريخ الثورات.وصحيح أيضا أن هناك يأسا بين قطاعات واسعة من الشباب أو المواطنين العاديين للحال التى آلت إليه الثورة.

 

لكن الصحيح أيضا أن من بين الإنجازات المهمة الكثيرة التى نتجت عن ثورة 25 يناير، أنها أطلقت قوى الشعب بمختلف قطاعاته وفئاته وطوائفه للمطالبة بحقوقها.

 

 لا توجد قوة الآن ــ وربما فى المستقبل القريب ــ تستطيع إعادة هذا المارد إلى قمقمه إلا إذا استجابت لمطالبه العادلة.

 

كان البعض يخشى أن تعيد القوى التى ستحكم مصر فى المستقبل إنتاج نفس نموذج حسنى مبارك اقتصاديا واجتماعيا، مع إجراء بعض الرتوش الديكورية، ثم تمضى الأوضاع التى تحافظ على احتكارات فئة قليلة لغالبية الثورة مع بقاء الطبقات الفقيرة المهمشة كما هى.

 

الرئيس المقبل إن لم تكن لديه رؤية واضحة أولا، وخطة تفصيلية ثانيا، وانحياز اجتماعى لغالبية أفراد هذا الشعب، فربما لن يتمكن حتى من دخول مكتبه أو قصره، وقد يضطر للبحث عن مكان سرى يمارس منه  مهامه، كما فعلت الحكومة الحالية منذ توليها، حيث إنها عاجزة عن الوصول إلى مقر مجلس الوزراء حتى الآن.

 

عبدالناصر انحاز للفقراء فأحبوه وضحوا بالديمقراطية، لكن مشروعه انكسر بهزيمة يونيو 1967، والسادات تحمله الشعب لأنه حقق انتصار أكتوبر، لكن لم يسامحه على سياسة الانفتاح الاقتصادى العشوائية وثار ضدها فى 17 و18 يناير 1977، ومبارك ظل 30 عاما «كابسا على أنفاس الشعب» بالوعود البراقة والآلة القمعية الجبارة حتى انهار نظامه فى 18 يوما.

 

الآن ليس لدى الفقراء ما يخسرونه، هم فقط يمكن أن ينتظروا قليلا إذا شعروا أن هناك رئيسا أو حكومة أو برلمانا لديهم خطة واضحة لإصلاح «الحال المايل» فى البلد، لكن سياسة «الطناش» لن تجدى نفعا.

 

من هنا فعلى أى مرشح رئاسى يعتقد أنه يستطيع مواصلة سياسة مبارك التى كان أساسها «إفقار الفقراء» فعليه أن ينسى.

 

ولا أعرف لماذا لم يخبرنا غالبية المرشحين الكبار للرئاسة عن برامجهم وخططهم الواضحة والمحددة بشأن كيفية مقاومتهم للفقر والفساد، وكيف سيستردون ثروات مصر التى نهبتها أسرة مبارك وكبار مساعديه، بل لم يخبرنا أحد حتى الآن عن متى سيتوقف رموز نظام مبارك عن السرقة والإفساد؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved