مهمة المحافظين الجدد

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 3 سبتمبر 2018 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

بانخراطهم فى مهام عملهم بعد حلف اليمين الدستورية قبل نهاية الأسبوع الماضى، يدخل المحافظون الجدد حقل الاختبار العملى لمهمة ثقيلة، قوامها مشكلات يومية لا تنتهى، يدفع ثمنها المواطنون الذين يترددون على الإدارات والمصالح الحكومية فى محافظات مصر المختلفة، هؤلاء الذين يبحثون مع كل تغيير فى دولاب الدولة التنفيذى عن بارقة أمل تفتح آفاقا جديدة للقضاء على بعض من معاناتهم.
المحافظون الجدد، وعملا بما يمكن أن يقال عليه خطاب التكليف الذى حملهم به الرئيس السيسى مطالبون ببذل «أقصى الجهد لخدمة المواطنين، وتلبية احتياجاتهم، كل فى محافظته، واستغلال الميزات التنافسية فى كل محافظة وتحويلها إلى فرص استثمارية» مع التأكيد على «الاستماع إلى مشكلات المواطنين والتواصل المستمر معهم، ووضع حلول مبتكرة وغير تقليدية لها».
حركة المحافظين التى شملت أوسع عملية تغيير منذ فترات طويلة، تعكس مدى احتياج المحافظات إلى تفكير غير نمطى فى التعامل مع مشكلات يعلمها القاصى والدانى، وقتلت بحثا وتمحيصا، ويمكن لمسها فى دقائق معدودات بمجرد مطالعة ما يرد إلى مكاتب الشكاوى فى دواوين المحافظات، وبالتالى المطلوب أن يحمل كل محافظ على كاهله الاشتباك العاجل والسريع، مع تلك المشكلات، ولا يتعلل بالحاجة إلى وقت لدراستها، أو إعادة اختراع العجلة من جديد.
محافظات مصر من أقصى غربها فى مطروح وشرقها فى شمال سيناء، ومن أبعد نقطة فى أسوان جنوبا، وحتى الإسكندرية شمالا، تعج بالتحديات، ومشكلاتها صنو تفاصيل الحياة اليومية، فارتفاع الأسعار يحرق جيوب الجميع، والأسواق فى حاجة عاجلة وملحة لمواصلة عمليات الضبط والربط ومنع التلاعب فى أقوات الناس التى لم تعد تتحمل المزيد من الأعباء.
العاطلون عن العمل والباحثون عن فرصة تحت شمس الرزق الحلال ينتظرون فى كل بيت، والمرضى الذين يحتاجون تحسنا فى خدمات المستشفيات أكثر من أن يحصوا، والإدارات التى يقتلها الروتين، ويهيمن عليها تعطيل مصالح المواطنين موجودة فى غالبية الأركان.
تواجه المحافظات مشكلات مع النظافة وتراكم القمامة ومخلفات البناء التى تسد فى بعض الأماكن أجزاء من الطرق السريعة التى انفق على شقها، وتعبيدها، ورصفها، مليارات الجنيهات، ومخالفات شروط البناء تتم جهارا نهارا، أو من دون ترخيص فى بعض الأوقات، بل وفوق الأرض الزراعية المجرم البناء عليها، فيما أجهزة الحكم المحلى إما غائبة، أو تغض الطرف تحت حجج وذرائع شتى.
التعديات على النيل، ورغم ما بذل فى الفترات الماضية من جهود، يظل ملفا يحتاج إلى المزيد من العمل، بهدف القضاء على هذه الظاهرة التى تعد وصمة عار فى جبين المصرى الذى قدس أجداده الفراعنة النهر الخالد، وأحاطوه بكل مظاهر التبجيل وتقدير القيمة، والحض الدائم على عدم تلويث مياهه، وقد آن الأوان لأن يضع المحافظون هذه القضية كأولوية، باعتبارها جوهر عملهم الحقيقى لما للماء من أهمية فى حياتنا.
جميل أن يسارع عدد من المحافظين الجدد إلى عقد اللقاءات العاجلة ومن اليوم الأول لتوليهم مهام مناصبهم مع مسئولى الأحياء والإدارات المحلية المختلفة للوقوف على ما يدور، وجيد أيضا أن يتجول بعضهم فى الميادين والشوارع الرئيسية لمحافظاتهم، ومصافحة المواطنين، ووعدهم بلقاءات منتظمة لسماع شكواهم، لكن الأجمل ألا يقتصر الأمر على اجتماع هنا، ولقاء هناك، من دون حركة يومية دءوب لحل تلك المشكلات.
محافظاتنا تعد كتابا مفتوحا أمام كل مصرى، ومشكلاتها لا ينقصها التوصيف، وكل ما تنتظره إخلاص فى العمل، ورغبة حقيقة فى العطاء، وألا تكون الحركة التى شهدناها فى الأيام الأولى من تولى المحافظين الجدد مواقعهم ضمن مراسم اعتلاء المنصب، وأن يضع السادة المحافظون نصب أعينهم أن الشارع المصرى بات لديه من الوعى ما يمكنه من الحكم على من يعمل ويبذل الجهد، ومن يلهث وراء الكاميرات ويكتفى بإطلاق التصريحات والبيانات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، فالمقاعد الوثيرة لا تدوم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved