كونوا رجالا أو اخرسوا

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الإثنين 5 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

لا أعرف بأى منطق يفتح البرلمان النار على حكومة الجنزورى، منذ خرج المتهمون الأمريكيون وطاروا إلى ديارهم، والنواب يتوعدون الجنزورى بالحساب وسحب الثقة، يلقون عليه كل اللوم عن انتهاك القضاء وإهدار الكرامة وما إلى ذلك من عبارات وشعارات تبدو ثورية وطنانة.

 

يعرف النواب مثلما تعرف أنت ويعرف كل قاصٍ ودانى أن الدكتور كمال الجنزورى عند قبوله تكليف تشكيل الحكومة حصل وفق ما هو معلن على صلاحيات رئيس الجمهورية فيما عدا ملفى الجيش والقضاء، هذه حقيقة ثابتة وراسخة، لكن يبدو أن النواب يتجاهلونها أو يتناسونها، ليس طبعا لأنهم لا يعرفون، لكن لأنهم يريدون وسط هذا الغضب الشعبى الذى اكتسح المشاعر المصرية أن يعلقوا الجرس فى رقبة أى شخص يقدرون عليه، ليس مهما إن كان متورطا فى القضية أو لا، ليس مهما إن كان صاحب القرار أم لا، لكن المهم أن يبدو النواب أمام البسطاء الذين انتخبوهم كالأشاوس الذين لا يخافون فى الحق لومة لائم حتى لو كانت لكماتهم التى تظهر شجاعتهم تضرب فى غير الاتجاه الصحيح.

 

كانت قضية التمويل الأجنبى قضية سياسية من البداية، أدارها إعلاميا وسياسيا المجلس العسكرى، وثبت من النهايات أنه كان يديرها قضائيا أيضا، وجند لأجلها إعلاما حكوميا وخاصا «شبه حكومى»، واستخدم القضاء الذى مازال جزءا من صلاحياته كرئيس للجمهورية لم يفوضها لرئيس الوزراء، فى تشويه المجتمع المدنى، وأيدته فى ذلك الأغلبية البرلمانية، وعندما تحركت واشنطن عقد معها جلسات التفاوض ثم أمن اتفاقاته وصفقاته بتأييد برلمانى مستتر لها عبر تفاهمات أمريكية مع كل أطراف الحكم «المجلس العسكرى ــ الحكومة ــ الأغلبية البرلمانية».

 

لكن البرلمان الذى أقسم على احترام الدستور والقانون، يتجاهل أن القضاء ليس من صلاحيات الحكومة، والبرلمان الذى أقسم بعض نوابه على احترام شرع الله، لا يجدون غضاضة فى غض الطرف عن المتهم الرئيسى، وكيل الاتهامات لطرف هامشى تعفيه القوانين والمراسيم وخطاب التكليف من المسئولية المباشرة.

 

أى شجاعة إذن تنتاب النواب فتتوعد بعظائم الأمور فى كل اتجاه، حتى تجد نفسها فجأة أمام المجلس العسكرى، فتحيد عن صراطها المستقيم، وتفتش على الجانبين عن أى عابر سبيل توجه له لكماتها.

 

لديك مسئول رئيسى فى هذه القضية هو المجلس العسكرى، الذى يدير شئون البلاد، ونظم الانتخابات وقوانينها وهندس عملية التغيير التى جاءت بالبرلمان، لذلك فالبرلمان «حفظا للجميل» لا يريد الاقتراب منه، وربما لا يستطيع من الأصل، ومسئول أصغر هو المستشار عبدالمعز إبراهيم الذى كان مسئولا تنفيذيا عن تحقيق سياسات العسكرى، وهو الذى أدار قضية التمويل حتى أخرجها هذا الإخراج الردىء، وهو أيضا صاحب جميل على البرلمان فهو رئيس لجنة الانتخابات التى تغاضت عن كل التجاوزات والخروقات، وقدمت الحماية لتجار التكفير وأصحاب الدعايات الدينية المباشرة.

 

هل تستطيع الآن أن تقول إن المستشار عبدالمعز كان رئيس لجنة انتخابات مستقل، وهو غير قادر على أن يثبت للمجتمع من الأساس أنه قاض مستقل؟.

 

أيها النواب المحترمون.. كونوا رجالا وعلقوا الجرس فى عنق صاحبه، أو اخرسوا ولا تخدعونا بشجاعة زائفة.. فنحن نعرف أنكم جميعا جئتم من رحم منظومة المشير وعبدالمعز..!  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved