أسئلة أمريكية للمرشح السيسى

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 4 أبريل 2014 - 9:17 ص بتوقيت القاهرة

بعيد إعلان وزير الدفاع المصرى السابق، المشير عبدالفتاح السيسى، استقالته من منصبه وترشحه للرئاسة، بادرت الإدارة الأمريكية بالتأكيد على أنها لا تدعم أى مرشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى مصر. وقالت الإدارة على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية «لا ندعم أى فرد أو حزب.. القرار يعود لاختيار الشعب المصرى لتحديد مستقبله.. نحن ندعو إلى انتخابات حرة وشفافة يتسنى فيها للناخب التصويت للمرشح الذى يختاره». وهكذا اختارت واشنطن أن تظهر أن ما يهمها الآن ليس ترشح السيسى من عدمه، بل هو أن تسير عملية الانتخابات نفسها بصورة «حرة وشفافة».

وقبل شهرين انتقدت واشنطن إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين دعمه لترشح عبدالفتاح السيسى لانتخابات الرئاسة المقبلة، واعتبرت أنه ليس من شأن بلادها أو بوتين أو أى طرف آخر أن يقرر بشأن من سيحكم مصر، لأن هذا القرار يعود للشعب المصرى. واعتبر البعض حينذاك خطأ أن هذه رسالة اعتراض أمريكية ضد ترشح السيسى.

•••

ورغم الحياد الرسمى الأمريكى، خرجت أصوات مؤيدة لترشح وزير الدفاع الأسبق، كما خرجت أصوات رافضة لهذا الترشح. واختار عدد من خبراء الشأن المصرى فى واشنطن أن يلقوا بعدة أسئلة للمرشح السيسى لكى يتعرفوا على الخطوات العامة لسياساته حال وصوله لسدة الحكم. وترى الباحثة بمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى بواشنطن ميشيل دان، والتى سبق لها العمل فى وزارة الخارجية والبيت الأبيض، كما عملت فى السفارة الأمريكية فى القاهرة، أن الحملة الانتخابية المقبلة لن تشهد مناظرات جدية على عكس الحال لانتخابات 2012. من هنا اختارت أن تطرح خمسة أسئلة للمرشح السيسى بهدف استكشاف الخطوط العريضة للسياسيات المتوقع اتباعها، يمكن من خلال الإجابة عنها البدء فى رسم صورة حقيقية للمرشح الأكثر حظا للفوز برئاسة مصر. (نشر على الموقع الإلكترونى لمركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط بتاريخ 26 مارس 2014).

تعرض السؤال الأول لقضية الاستقطاب الحاد الذى تعانى منه مصر ويستحيل معه التقدم ديمقراطيا للأمام حال بقائه. وتساءلت ميشيل إذا ما كان المرشح السيسى سيقر بأن مصر تخوض غمار مرحلة من الصراع الداخلى والاستقطاب غير المسبوقين، وبأن ثمة حاجة إلى التعافى الوطنى؟ وقالت ميشيل إن السيسى قد ألمح إلى هذا الأمر فى خطابه يوم 26 مارس، إلا أنه سرعان ما أشار إلى أن اللوم يقع على أعداء «داخليين وإقليميين وخارجيين» مجهولين. السؤال الثانى تناول إمكانية أن يقدم السيسى أغصان الزيتون إلى الذين يشعرون بأنهم مهمشون ويتعرضون للمضايقات منذ يوليو 2013، وقصدت بهم الشباب والصحفيين والمجتمع المدنى ومنتقدى الحكم العسكرى، ناهيك عن مناصرى الإخوان المسلمين؟ وأشارت ميشيل إلى أن الرؤساء المصريون فى بداية حكمهم يحاولون أن يظهِروا أنهم قادة الأمة بأسرها. وأشارت إلى أن السيسى أشار فى خطابه إلى أن أى مصرى لم تتم إدانته يجب أن يعد «شريكا فاعلا»، لكن ما معنى هذا الكلام فى ظل وجود عشرات الآلاف فى السجون والمحاكمات الجماعية للمئات.

ثالثا هل يعبر السيسى عن التزامه تطبيق حماية حقوق الإنسان المنصوص عليها فى الدستور؟ وهنا يجب الإقرار أولا بانتهاكات أجهزة الأمن والتعهد بانتهاج مسار عدالة انتقالية جدى. وترى ميشيل أن المرشح السيسى لم يلمح إلى ذلك فى خطابه، بل أطلق عكس ذلك عن طريق وعوده بـ «إعادة بناء الدولة»، وهو ما يفهم فى واشنطن على أنه عودة القبضة الحديدية للدولة وأجهزتها الأمنية. ثم تساءلت ميشيل إذا ما كان السيسى سيعبر عن التزامه التعددية السياسية ويتخذ خطوات لإعادة فتح المجال السياسى للعلمانيين والإسلاميين على السواء؟ وترى أنه ألمح تلميحا مقتضبا فقط إلى الديمقراطية فى خطابه فى مارس، رأت أن ذلك أمره غير مشجع. خامسا وأخيرا تناولت ميشيل أسئلة تتعلق بالاقتصاد، وبكيفية تعامل السيسى مع القطاع العام ودوره، ودور الجيش فى الاقتصاد مقابل دور القطاع الخاص، وهل يقر بأن قطاعا خاصا حيويا وحرا هو الوحيد القادر على توفير الوظائف التى تحتاج إليها اليد العاملة المصرية الضخمة والمتزايدة؟ وذكرت ميشيل أن السيسى ألمح إلى أن مصر لا تستطيع الاعتماد على المانحين الخليجيين إلى ما لا نهاية.

•••

منذ أزاح الجيش الرئيس محمد مرسى تنادى واشنطن بضرورة أن تتبنى المرحلة الانتقالية الجديدة فى مصر ديمقراطية تشمل جميع القوى السياسية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين. وبعد فض اعتصامى ميدان رابعة والنهضة اتخذت واشنطن بعض الخطوات العقابية تجاه الجيش المصرى مثل وقف توريد أربع طائرات إف 16، ووقف تزويد الجيش المصرى بـ 12 طائرة أباتشى جديدة من طراز «أى إتش 64 دى»، وألغت مناورات النجم الساطع التى كان من المقرر لها أن تجرى قبل نهاية عام 2013 على الأراضى المصرية بين الجيشين المصرى والأمريكى. وبعد ذلك أعلنت واشنطن وقف معظم المساعدات العسكرية لمصر فى التاسع من أكتوبر.

وتعتقد معظم الدوائر الأمريكية المهمة أن السعى لإقصاء جماعة بقوة وتاريخ وشعبية الإخوان المسلمين من المشهد السياسى هو درب خيال خاصة بعدما سيطرت الجماعة وحلفاؤها على البرلمان والرئاسة المصرية عندما أجريت انتخاباتهما بحرية تحت إشراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتؤمن واشنطن أن إقصاء الجماعة وحزبها السياسى يمهد لحالة ثابتة من «عدم الاستقرار» وهو يناقض هدفها الأساسى فى وجود «مصر مستقرة».

إلا أن الأكيد هو أن واشنطن لن ترهن علاقاتها بمصر وفقا لرغبتها أن تضم العملية السياسية جماعة الإخوان المسلمين. تريد واشنطن اليوم سياسات وقرارات حكومية مصرية لا تسبب لها ما يحرجها ويصعب من رغبتها معاودة المساعدات الأمريكية لمصر. إلا أن ما تصر عليه الحكومة المصرية المؤقتة من خلال سجلها فى مجال الحريات وحقوق الانسان والمشاركة السياسية، أضف لذلك ما يقدم عليه القضاء المصرى من إصدار أحكام شاذة بمعايير كل دول العالم، يصعب من رغبة الإدارة الأمريكية فى منح المساعدات للجيش المصرى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved