خطورة توقف برنامج يوسف

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 4 يونيو 2014 - 7:45 ص بتوقيت القاهرة

شىء محزن ومخجل ومقبض ان يتوقف برنامج باسم يوسف «البرنامج» على قناة «ام بى سى مصر».

ليس مهما من اتخذ قرار الوقف، لكن الذى سيتحمل المسئولية فى النهاية هو الحكومة لأنها المستفيد الوحيد من القرار.

اعرف ان الحكومة سترد فورا بالقول: «وانا مالى، هذه قناة خاصة وغير مصرية تعاقدت مع باسم يوسف، وهو انتقدنا مرارا وتكرارا فى حلقاته، والمحطة هى التى اوقفت البرنامج، وبالتالى لا دخل لنا بالأمر».

هذا كلام ينفع ان يقال فى قاعة محكمة لكى تتبرأ الحكومة من شبهة اتخاذ القرار، لكن لن لا ينفع فى مجال السياسة.

لم يستطع احد ان يلوم الحكومة واجهزتها عندما اوقفت قناة سى بى سى الخاصة برنامج باسم يوسف قبل شهور بحجج مختلفة، اليوم الناس بأكملها نسيت أو تناست دور القناة وكل الذى تتذكره ان ضغوطا ما «هى التى اوقفت البرنامج».

اذن لن يتوقف الناس كثيرا عند دور «السى بى سى» أو «ام بى سى مصر»، كل الذى سيذكرونه هو دور الحكومة وادارة ما بعد 30 يونيه وموقفها من الاعلام.

باسم يوسف كان نافذة مهمة لكثير من الناس، لم يكن برنامجه منشورا ايديولوجيا، أو نشرة حزبية معارضة، كان متنفسا للمعارضين بل ولبعض المؤيدين ولحزب الكنبة، كى يروا امور حياتهم وطريقة الحكومة فى حكمهم بطريقة ساخرة.

العبرة الضرورية انه لو ان البعض يظن ان ايقاف هذا البرنامج أو غيره من البرامج الساخرة أو الجادة سوف يريح الحكومة فهو واهم. تستطيع الحكومة ان تتخذ ما تشاء من قرارات وتوقف هذا البرنامج أو حتى هذه المحطة بأكملها، هذا قد يفيدها على مدى قصير، لكنه سيسبب لها ضررا فادحا على المستويين المتوسط والطويل.

انتشار الفيس بوك وتويتر ويوتيوب وسائر وسائط الاتصال الاجتماعى قلل كثيرا من قدرة أى حكومة ــ مهما كانت متجبرة ــ على التحرك بحرية.

ماذا ستفعل الحكومة اذا قرر باسم يوسف أو غيره ان يبث البرنامج عبر يوتيوب أو عبر أى قناة من خارج مصر؟!.

لو ان قرار منع كاتب أو برنامج سيحل المشكلات لكنا قد الغينا الاعلام بأكمله، لكن المشكلة تكمن فى السياسات والاجواء والتوافق العام لأى مجتمع.

السؤال الجوهرى الذى ينبغى ان تسأله الحكومة لنفسها هو: هل تريد من الاعلام ان يكون صوتا واحدا بلا أى نغمة نشاز؟!.

بطبيعة الحال ستقول الحكومة نحن لا نريد ذلك لكن العبرة بالتطبيق على الارض، والمناخ العام. وعلينا ان نتذكر ان نظام مبارك لم يكن له دخل كبير ببيع صحيفة الدستور التى كان يرأس تحريرها الزميل والصديق ابراهيم عيسى، ولكن الجميع كان يعلم كيف تمت عملية البيع وماذا كان الهدف؟!.

من مصلحة الحكومة والمشير السيسى وهو يبدأ فترة حكمه ان تكون هناك وسائل إعلام حرة فعلا لأنها السبيل الوحيد لمعرفة مكامن الخلل، وبؤر الفساد الصغيرة قبل ان تتحول الى اورام سرطانية.

من المهم ان تكون هناك اصوات لكل التيارات والافكار والآراء مهما كانت غريبة ومكروهة.

من مصلحة النظام ان يفعل ذلك حتى لا يستيقظ ذات صباح ليفاجأ بنفسه بالموقف الذى عاشه حسنى مبارك يوم 28 يناير 2011.

من مصلحة النظام انه اذا لم يجد معارضة وصحافة حرة فعليه ان يخترعها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved