سلوكيات اللسان 6ــ عبادة الحمد

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الجمعة 4 يوليه 2014 - 8:35 ص بتوقيت القاهرة

حروف لفظ الـ(ح م د) هى نفس حروف لفظ الـ(م د ح)، هكذا يتضح معنى الحمد: أنه مدح الله والثناء عليه وشكره على نعمه، كما نتعلم تخصيص لفظ (المدح) لمن يستحقه من البشر دون نفاق ودون بخس لحقوق للناس.

أما لفظ (الْحَمْدُ) فلا يكون إلا لله عز وجل جاء لفظ (الْحَمْدُ) فى القرآن 38 مرة ، ودائما أبدا يجىء مقرونا بنعمة كبرى لا يقدر عليها إلا الله، لذلك يجب علينا أن نحمده دائما وأبدا.

ـ1ـ

ولأهمية عبادة الحمد فقد بدأ القرآن 5 سور بالحمد، فالفاتحة (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الذى خلقهم ورباهم وتعهدهم برزقه ورعايته.

ثم سورة الأنعام (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ..) حمدا على خلقه السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من خزائن رزقه الذى أعده كافيا لجميع خلقه إلى آخر الزمان، كما أنه عز وجل خلق كل هذه الأرزاق قبل أن يخلقنا.. فهل نتعلم كيف نعد للمشروعات قبل بدايتها؟ أم ستبقى النخب السياسية والاقتصادية لا تتعلم ولا تدرى ما يجب عليها؟!

وسورة الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) وإنزال الكتاب الباقى الذى لا يضل ولا ينسى نعمة كبرى يجب علينا دوام شكرها. وسورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) حمدا على اختصاصه سبحانه بملك السماوات والأرض، وتلك نعمة كبرى أن يكون المالك الوحيد هو الله العادل، فلا يتحكم مخلوق فى أحد من الخلق... وتلك الآية من فرائد القرآن إذ اشتملت على لفظ (الْحَمْد) مرتين (الْحَمْدُ لِلَّهِ..) و(..َلَهُ الْحَمْدُ..) فكما نحمده فى الدنيا على عدله بين خلقه، سنحمده فى الآخرة على رحمته ورأفته بنا وبعباده أجمعين. وسورة فاطر (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..) فنحمده سبحانه على قدرته وقوته فلا يغلق أحد من خلقه أبواب الرحمة فى وجوه الخلق، ولا يجرؤ المتكبرون مهما كانوا على منع عقاب الله عن أحد. أليست تلك نعمة كبرى يجب ألا نغفل عنها وأن نحمدها دائما؟!

ـ2ـ

وكثيرا ما يعلمنا القرآن مواطن الحمد، ومنها (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)، وحينما يرزقنا الله نسلا يجب حمد الله عليه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى وَهَبَ لِى عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّى لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ..).

وحينما ترى نفسك فى هذه الدنيا حرا تتساوى مع الجميع، وتعلم أن الله عز وجل لم يتخذ صاحبة ولا ولدا كى لا يكون على الأرض نسل يدعى نسبا مع الله فيستعلى على الخلق (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِى الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا).

وحينما ننجو مما يزعجنا أو يهددنا فلنردد دائما (.. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ..).

وعبادة الحمد لا نختص بها بل تشاركنا فيها الملائكة فانظر قوله تعالى (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ..).

ـ3ـ

وقد أشار القرآن إلى أوقات يستحب فيها الحمد مثل قوله (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)، كذلك يقول (وَلَهُ الْحَمْدُ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) وأيضا (..وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)..

وكذلك (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُوم).

وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نحمد الله عند النوم واليقظة، وفى نهاية الطعام والشراب، ونحمده عند ارتداء جديد الملابس، ونحمده على الصحة والعافية، ونحمده على الهداية والتوفيق. فزين لسانك بعبادة الحمد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved