الإعلام والجيش والإرهاب

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 4 يوليه 2015 - 11:00 ص بتوقيت القاهرة

عدد كبير من المسئولين المصريين والإعلاميين والشخصيات العامة وجهوا انتقادات حادة لبعض وسائل الإعلام على طريقة أدائها فى تغطية الهجوم الإرهابى على بعض كمائن قوات الجيش والشرطة المصرية فى مدينة الشيخ زويد بسيناء طوال يوم الأربعاء الماضى.

أحد المسئولين قال إن الجيش المصرى واجه فى هذا اليوم هجوم الإرهابيين وهجوم بعض وسائل الإعلام.

مبدئيا فإن الإعلام العسكرى تطور بصورة كبيرة فى السنوات الأخيرة مقارنة بما كان عليه الحال قبل 25 يناير2011، والمتحدث العسكرى العميد محمد سمير دائم التواصل ــ بأدبه الجم ــ مع كل وسائل الإعلام.

لكن الذى حدث يوم الأربعاء لا يمكن تحميله بالمرة للإعلام.

الهجوم الإرهابى وقع فى السادسة صباحا تقريبا وأول بيان رسمى كامل من القوات المسلحة كان فى الثامنة مساء بعد الإفطار.

يطالب البعض وسائل الإعلام بألا تنقل أى معلومات إلا عبر البيانات الرسمية، وسوف نفترض أن ذلك هو الطريق الصحيح، ولنفترض أكثر أن كل وسائل الإعلام المصرية لم تنقل أى معلومة إيجابية أو سلبية، بل لنفترض أن وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الحكومية والخاصة فى مصر غير موجودة أصلا، فما الذى سوف يحدث؟!.

هناك وسائل إعلام إقليمية وعالمية وبعضها فعلا يتآمر ويتربص بمصر، فماذا سوف نفعل مع هؤلاء؟!.

القضية لا تتعلق بوسائل الإعلام المصرية، بل علينا الإدراك أن الإعلام تغير بصورة جذرية ولم يعد فى مقدور أى قوة محلية أو عالمية أن تتحكم به وبطريقة عمله.

بعد دقائق من بداية الهجوم على الشيخ زويد كانت وسائل الإعلام العالمية تنقل عن طريق مراسلين لها أو عن طريق سكان محليين فى الشيخ زويد وسيناء وتتحدث عن أرقام متضاربة، وتطورات متصاعدة.

يعلم الله أن هناك العديد من المعلومات الساخنة جاءتنا ولم ننشرها لأننا لم نتمكن من تأكيدها، وفضلنا التضحية بها، فى انتظار البيانات الرسمية حتى لا نلعب دورا قد يؤثر على الروح المعنوية لقواتنا.

مرة ثانية المشكلة ليست فى وسائل الإعلام المصرية، المشكلة فى الإدراك أن هناك عصرا جديدا ينبغى أن تتعامل معه بطريقة جديدة تماما.

عندما تنقل شبكة تليفزيوينة عربية مهمة خبرا عن مصادر طبية فى شمال سيناء بأن عدد الشهداء قد بلغ كذا وكذا، فى هذه الحالة علينا ألا نلوم هذه الشبكة، بل المطلوب أن يكون لدينا رد سريع على هذه المعلومة والأفضل أن تكون أجهزة الدولة المصرية هى صاحبة السبق فى إعطاء المعلومات.

أعرف تماما أن إدارة الشئون المعنوية بقيادة اللواء محسن عبدالنبى، وكل العاملين فيها يبذلون جهدا هائلا، وأعرف أنهم مضطرون فى بعض الأحيان إلى الانتظار قليلا لكى يتأكدوا عبر أكثر من جهة من صحة المعلومات، وفى حالة الشهداء يقومون بإبلاغ أهاليهم أولا، وأعرف الظروف الصعبة جدا التى يعملون فيها، لكن علينا جميعا أن نعرف أيضا أن وسائل الإعلام العالمية لن تنشغل بكل ذلك، هى تريد المعلومات الطازجة والسريعة.

المسألة باختصار أنه فى اللحظة التى تنشر فيها وسائل إعلام أجنبية معلومة خبيثة وغير مدققة أو ناقصة أو مختلفة، ولا تقوم الأجهزة المصرية بتصحيحها فورا فإنها تتحول إلى حقيقة لدى كثيرين خصوصا البسطاء الذين قد لا يعرفون التفريق بين المعلومات الصحية وتلك الكاذبة أو المضروبة وهنا الخسارة الكبرى.

المسألة الأساسية أننا جميعا فى مركب واحد، وهدف الإرهابيين هو تشكيك المصريين فى جيشهم ودولتهم، خصوصا أن سلاح المعلومات صار أخطر كثيرا من الآر بى جى، والهاون أو الكورينت، وبالتالى فالحل ليس فى ترك الساحة الإعلامية خالية لمدة اقتربت من ١٤ساعة لتنظيم داعش وبعض وسائل الإعلام العالمية سواء كانت مهنية أو حتى مشبوهة لتقدم معلومات غير مدققة.علينا البحث عن حل لمعضلة حماية الامن القومى وفى نفس الوقت تقديم المعلومات السريعة لحماية الناس من المعلومات المغلوطة.

نتمنى أن يكون ما حدث يوم الأربعاء درسا حتى نقطع الطريق على الإرهابيين ومن يواليهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved