هل يعين المجلس العسكرى رئيسًا للجمهورية؟

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الجمعة 4 نوفمبر 2011 - 8:50 ص بتوقيت القاهرة

لو وضعت الإصرار على إقحام المادة 9 فى وثيقة السلمى إلى جوار تصريحات «مصدر شديد القرب من المجلس العسكرى» تكون الخلاصة أن رئيس الجمهورية المقبل لن يأتى بالانتخابات، بل بقرار تعيين من الجنرالات.

 

المادة 9 تمنح المجلس العسكرى صلاحيات أكبر من صلاحيات البرلمان ورئيس الدولة، وتجعل من المجلس حاكما فعليا للبلاد وبسلطات شبه إلهية حتى وإن لم يظهر فى الصورة، هى باختصار تجعل المجلس دولة فوق الدولة، وسلطة أعلى من كل السلطات التى يعرفها علم السياسة.

 

وبافتراض أن هذا المصدر «شديد القرب من المجلس العسكرى» الذى تحدث للزميلة نشوى الحوفى فى المصرى اليوم أمس، هو بالفعل مصدر موجود وحقيقى، وأنه بالفعل شديد القرب إلى الحد الذى يخول له رسم خريطة السياسة والسلطة فى مصر لمرحلة ما بعد المشير، فإن المعنى الوحيد أن المجلس قرر أن يصطفى لنا حاكما ويصنعه على عينه، بدلا من أن يترك الكلمة لصندوق الانتخابات.

 

وأول ما يلفت النظر أن «شديد القرب» قرر أن يكون رئيس مصر القادم «ربما يكون من بين أساتذة الجامعة أو أحد خبراء الاقتصاد البارزين» ثم عاد وشطب أسماء مرشحين محتملين بارزين من السباق، وحصره فى أربعة أسماء فقط يتصدرها عمرو موسى صاحب التصريحات الودودة للغاية بشأن المجلس، لعل أحدثها ما برأ فيها «العسكرى» من مسئولية إطالة المرحلة الانتقالية منحيا باللائمة على القوى السياسية.

 

وغنى عن البيان أن الذى يحذف اسمين أو ثلاثة من قائمة المرشحين يستطيع ن يحذف خمسة وستة، وربما يشطب على أسماء المرشحين كلها، ويخترع اسما جديدا ويفرضه فرضا على المصريين.

إن خطورة هذا الكلام شديد الغرابة واللطافة الصادر عن الجنرال «شديد القرب» إنه يظهر المجلس العسكرى فى حالة خصومة مع بعض المرشحين المحتملين المحترمين، ومساندا لآخرين، ما ينسف كل الكلام الغزير الوفير عن الحيادية والمسافة الواحدة من جميع الأطراف، ويضعنا أمام مصادرة عسكرية صريحة لحق الناس فى اختيار رئيسهم.

 

وعندما يقول المصدر الخفى أن المجلس يرغب فى رئيس بمواصفات يحددها هو فإننا لا نكون بصدد عملية انتخابية نظيفة ومحترمة، بل إن الأمر يشبه كثيرا إعلانا عن وظيفة خالية محجوزة سلفا لشخص ما، على طريقة تعيينات الوظائف الكبرى فى المصالح الحكومية، حيث ينشر إعلان عن الوظيفة فى الصحف لاستكمال الشكل القانونى، ومراعاة للقواعد الشكلية أمام الجهزة الرقابية.

 

ولو أخذنا تسريبة أو بالونة «شديد القرب» على أنها كلام «شديد الجد» فإننا نكون أمام فاصل مثير فى إدارة المرحلة الانتقالية، يمكنك أن تضيف إليه اعتزام إصدار قانون بالتصالح مع المستثمرين المتهمين بالفساد، وساعتها لن يلومك أحد لو ذهب بك خيالك إلى أن الرئيس القادم ربما يكون من «رجال الاقتصاد البارزين» الموجودين داخل سجن طرة.

 

وفى هذا الحالة ربما تسمع عن دعوة لمليونية جديدة تنطلق من روكسى عنوانها «جمعة الاعتذار لأحمد عز».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved