هيبة الدولة.. وقضية الأمن

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأحد 4 ديسمبر 2011 - 9:20 ص بتوقيت القاهرة

●● أقامت لجنة أمنية الحواجز، وأخذت فى مراجعة أوراق السيارات وهى فى طريقها لدخول ضاحية المعادى، وكانت الساعة تقترب من الواحدة بعد منتصف الليل والزحام شديد أمام اللجنة، والسيارات المخالفة كثيرة، فهى بلا تراخيص، وأصحابها بلا رخص.. يتقدم رجل أمن من كل سيارة ويسأل بذوق عن الأوراق، ويعتذر عن الوقت «وتعطيل» الناس.. لكن الوجوه سعيدة بتلك اللجنة، وترى فيها لمحة من لمحات عودة الأمن.. كنا قديما قبل الثورة نشعر جميعا بالسخط على تلك اللجان، لما فيها من تجاوزات وإهانات (جملة اعتراضية: إهانة الغير أعتبرها إهانة شخصية).. كما أن تلك اللجان كانت قديما لأمن نظام، أو لأمن شخص واحد، رئيس، وزير، سفير.

 

●● لا اقتصاد ينهض بلا أمن، ولا أمن حقيقيا بدون اقتصاد ناهض.. وهذا ليس تمريرا لظاهرة العنف والبلطجة، إلا أن جزءا كبيرا منها يرجع إلى البطالة وعدم وجود وسائل دخل تكفى الحاجة.. فيما يرجع جزء آخر من أحداث العنف والبلطجة إلى خلل اجتماعى رهيب حيث ظلت طبقة خاصة تفوز بكل شىء، فيما ظلت طبقات تعانى من كل شىء.

 

●● هذا حديث عن أمن المواطن بالدرجة الأولى، وهو دون شك، يرتبط بأمن الوطن الذى يمتد إلى استقرار الأحوال، واطمئنان المستثمر المصرى والأجنبى إلى ذلك، فيخاطر بأمواله فى منطقة واعدة، وفى بلد واعد يملك الموقع الجغرافى المميز، وهو موقع لم يستغل بعد منذ بدأت الثورة الأولى عام 52، فمصر كان يجب أن تكون مركزا اقتصاديا لأوروبا وآسيا وأفريقيا.

 

●● مفهوم الأمن يجب أن يتغير، ويجب أن يكون عميقا وشاملا، فلا يسطح بمقاومة العنف بالعنف، والبلطجة بالمطاردة، فالأمن أولا وأخيرا هو القانون، واحترام هذا القانون.. والقانون لن يحترم إذا لم يطبق على الجميع بعدل وبمساواة، وقوة الأمن تعزز هيبة الدولة.. وهيبة الدولة ستعود بخطط ذكية، وبانتشار اللجان الأمنية فى مواقع وطرق، بتكرار وبتوالٍ، وبالتعامل بقوة مع كل خارج على القانون، والتعامل باحترام، مع جميع المواطنين.. وأول ملامح عودة الأمن هو المرور، فالفوضى التى نراها لابد من مواجهتها، وسوف تنتشر أخبار اللجان الأمنية، والمرورية.. فيعود الانضباط تدريجيا.  

 

●● الأمن سياسة تمتزج فيها الحكمة بالقوة، وليس بتغيير أسماء أجهزة، وإنما بتغيير سياسات تلك الأجهزة.. الأمن أمن المواطن والوطن وليس أمن النظام أو أمن رجل.. وساذج من ظن أن هيبة الدولة تعود بفض مظاهرة أو اعتصام صغير بالعنف وباستعراض تليفزيونى، يكون عبرة للملايين.. فهيبة الدولة تعود بعدالة القانون، وبمواجهة العنف بقوة.. ويمضى بالتوازى عمليات بناء جهاز الشرطة بفكر جديد، وليكن مثلا بالاستعانة بعشرة آلاف شاب من خريجى كليات الحقوق، وتدريبهم عسكريا لفترة قصيرة، قبل الدفع بهم للتعامل مع الشارع.. ويكون ذلك مساهمة فى حل مشكلة البطالة، وفى حل مشكلة الأمن.  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved