كيف ندير خلافنا مع أوباما

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 5 مارس 2015 - 8:15 ص بتوقيت القاهرة

مساء الثلاثاء الماضى دعانى المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، الذى يترأسه الدكتور عبدالمنعم سعيد ــ شفاه الله ــ للمشاركة فى حلقة نقاشية بعنوان «العلاقات الأمريكية المصرية ــ حدود التغير والاستمرارية». الحلقة قدم لها وأدارها السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، وشارك فيها أيضا السفير عبدالرءوف الريدى، الرئيس الشرفى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، والسفير الأسبق فى واشنطن، ود. محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والإعلامى حافظ الميرازى، مدير مركز كمال أدهم للصحافة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحسام إبراهيم، رئيس برنامج الدراسات الأمريكية بالمركز الاقليمى.

العنوان الذى كان يفترض أن أتحدث فيه هو: «كيف ترى النخبة المصرية مستقبل العلاقات مع أمريكا؟». قلت للحضور إننى متحفظ قليلا على مصطلح النخبة المصرية، لأنه مطاط ويصعب حصره وتعريفه بصورة واضحة.

لدينا مثقفون وسياسيون وإعلاميون، لكنهم لأسباب متعددة لا يشكلون نخبة بالمعنى الدقيق للكلمة. قلت أيضا إن ضعف الأحزاب والنقابات المهنية والمجتمع المدنى أعطى الفرصة لوسائل الإعلام لتلعب دور ممثل المجتمع وبالتالى النخبة، وصار لدينا إعلاميون، نفوذ بعضهم أقوى بكثير من نفوذ رؤساء أحزاب، بل وبعض الوزراء، لأن هؤلاء الإعلاميين ومحطاتهم وأصحابها، صاروا عمليا هم الذين يحددون جدول أعمال المجتمع تقريبا.
وإذا صح هذا الكلام وجب علينا ان نناقش كيف يتعامل الإعلام المصرى مع «المسألة الأمريكية؟».

للأسف الشديد غالبية الإعلام المصرى لا يفهم المجتمع الأمريكى ولا يبذل الحد الأدنى لفهم آليات صنع القرار المعقد فى أمريكا.

ينبغى علينا أن نفرق بين المجتمع الأمريكى والإدارة الأمريكية، وحتى الأخيرة بينها تمايزات كثيرة، وعلينا ملاحظة مثلا الطريقة الإيجابية عن الحكومة المصرية، التى يتحدث بها جون كيرى، وزير الخارجية ووزير الدفاع الأسبق هيجل، بدلا من التركيز فقط على تصريحات سوزان رايس، مستشارة الأمن القومى، وافتتاحيات بعض الصحف الكبرى أو المنظمات الحقوقية.

قلت ايضا إن على وسائل الإعلام أن تنتقد كما تشاء موقف البيت الأبيض فيما يتعلق بإصراره على إعادة إدماج جماعة الإخوان فى المشهد السياسى، لكن عليها أن تفعل ذلك بتعقل، حتى لا يصيب الرأى العام بالارتباك والتخبط.

لا يعقل مثلا أن نشيطن كل الإدارة الأمريكية ونتعامل مع أوباما باعتباره عضوا قياديا فى حزب «الحرية والعدالة الإخوانى» ثم نتحدث فى اليوم التالى عن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين التى تشبه الزواج الكاثوليكى؟!.

علينا أيضا أن نسأل أنفسنا: هل نحن فى خلاف مع أمريكا أم الإدارة الأمريكية أم أطراف فى هذه الإدارة فقط، وكيف نتعامل مع هذا الخلاف وكيف نديره بما يحفظ الحقوق المصرية؟!.

للأسف الشديد تركنا هذا الملف الحساس فى أيدى مجموعة من «الهجامين الإعلاميين» الذين يعتقدون أن شتم وسب أوباما ورايس هو الذى سيغير موازين القوى!.

هذه الطريقة الصبيانية قد ترضى «جمهور الترسو» أو رجل الشارع البسيط، لكنها مدمرة على الأمن القومى المصرى على المدى البعيد.
أتفق مع الرؤية القائلة بأن فريقا مؤثرا فى إدارة أوباما يحاول إدماج الإخوان فى العملية السياسية داخل مصر وكل المنطقة العربية إثباتا لرهانه على إدماج ما يعتقدون أنه إسلام معتدل فى مواجهة المتطرفين.

وأتفق مع الرأى المعارض لهذه الرؤية تماما لأن الذين راهنوا على هذا الأمر فشلوا بجدارة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وممارسات الإخوان منذ هذا اليوم وحتى هذه اللحظة تؤكد فشل الرهان على الإخوان فى الحكم أو المعارضة.
لكن السؤال هو: كف ندير علاقتنا مع أمريكا؟.

إذا سلمنا أن أمريكا ظالمة ومتحيزة فهل نحن على استعداد للدخول فى مواجهة مفتوحة معها، وما هى حدود الاختلاف والاتفاق بيننا؟ وكيف ننفتح على العالم من دون خسارة أمريكا كليا حتى لا تزيد حصارها علينا. الخلاصة أن الموضوع شائك ويحتاج لرؤية عميقة، تختلف تماما مع ما يفعله بعض مذيعى التوك شو ليلا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved