كيد الشيطان.. وكيد النساء

سيد قاسم المصري
سيد قاسم المصري

آخر تحديث: الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 10:50 ص بتوقيت القاهرة

 سمعت أحد الشيوخ فى برنامج على القناة الأولى للتليفزيون المصرى يقول إن كيد الشيطان ضعيف وإن الله سبحانه وتعالى قد أبلغنا بذلك فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: «إن كيد الشيطان كان ضعيفا»، بينما يقول سبحانه عن كيد النساء «إن كيدهن عظيم»... وبذلك يكون سيدنا الشيخ قد أوحى للمستمعين بصريح القول أو حتى من خلال الترابط اللاشعورى للأفكار بارتباط المرأة بالشيطان وتفوق مكر المرأة على مكر الشيطان.

فات الشيخ «الداعية» أن يتنبه فى كلامه الذى ذكرناه فى المقدمة السابقة بأن القرآن الكريم يتضمن كلاما على ألسنة العديد من المخلوقات بما فى ذلك الكفار والجن والإنس بل والشيطان ولا يصح أن يستشهد به.. فقد قال سبحانه: «نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن».. ومن أمثلة الآيات التى جاءت على لسان الكفار الآية الكريمة: «إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر».. فهل يصح أن نقول إن الله سبحانه وتعالى ينفى وجود الآخرة؟ والآية التى استشهد بها المتحدث حول كيد النساء هى على لسان العزيز (الوزير المصرى) زوج المرأة الخائنة.. عندما اكتشف خيانتها وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من دبر (أى قطع من الخلف) فكذبت وهو «أى سيدنا يوسف» من الصادقين، فلما رأى قميصه قد من دبر قال (أى زوج المرأة): «إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم»... الذى قال هو زوج المرأة وهو على دين الكفر كما جاء فى تفسير الجلالين وكما هو واضح من سياق الكلام.

أذكر أنه فى العهد الملكى كان أعداء النظام الملكى يستشهدون بالآية الكريمة التى تقول: «إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون».. ويعتبرونها دليلا حاسما على أن الله سبحانه وتعالى قد حكم على الأنظمة الملكية بالفساد.. مع أن الكلام كان على لسان ملكة سبأ وهى على الكفر، والملك المقصود فى كلامها هو نبى الله سليمان!!

فكيف يقال إن الله سبحانه وتعالى قد قال هذا عن الملوك.. لقد كان سليمان ملكا، وكان داود ملكا، وكان طالوت ملكا يقاتل فى سبيل الله بنص الآية الكريمة من سورة البقرة: «ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله».

إن مشاهدى التليفزيون المصرى الرسمى بقنواته المفتوحة غير المشفرة هم عامة الشعب المصرى وبسطاؤه الذين يستمعون القول فيتبعونه كما هو.. خاصة فى برامجه الدينية... كما أنى لا أشك فى أن كثيرا من خطباء المساجد والأئمة فى المساجد والزوايا الصغيرة المنتشرة فى أنحاء البلاد هم من محدودى الثقافة الذين يستقون معلوماتهم من أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية.. فاتقوا الله فى البلاد والعباد.. ودققوا فى اختيار المتحدثين والدعاة.. فقد تكاثرت علينا الفتن ولا ينقصنا فتنة جديدة بين الرجال والنساء.. وإذا كانت البضاعة الجيدة من الدعاة قليلة بالقياس إلى الانفجار الفضائى فى القنوات فمن الأفضل تقديم القليل من البرامج الجيدة.. ولا نكون مثل طاحونة الصناعات الكبرى التى تلجأ أحيانا إلى إحلال العمالة غير الماهرة لسد الثغرات نتيجة لظاهرة التغيب عن العمل.. فقد قرأت كتابا عن صناعة السيارات فى أمريكا يقول فيه المؤلف إن العارفين ببواطن الأمور فى صناعة السيارات لا يشترون سيارة منتجة فى يوم الاثنين.. لأن هذا اليوم من الأسبوع هو اليوم الذى يلى عطلة نهاية الأسبوع وتكثر فيه حالات الغياب مما يضطر الشركات إلى إحلال عمالة غير ماهرة لسد الثغرات.. ويبدو أن أيامنا كلها فى مصر قد أصبحت أيام الاثنين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved