الناجون من ويكيليكس شفيق

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الجمعة 5 أكتوبر 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بعد انكسار محاولة الجنرال (الهارب ــ المعتمر ــ المنتظر للحج) فى دبى وخروجه بليل من مطار القاهرة بدأت التسريبات فى محاولة لتلويث عدد من رموز الثورة، وكان النبيل عبدالجليل مصطفى أحد الآباء العظام لثوار الميادين أول من طاله هذا الخبث (بفتح الخاء والباء) حين نشر رئيس تحرير جريدة «الوطن» من داخل حملة شفيق أن إحدى سيدات الحملة قالت «عبدالجليل مصطفى عايز ييجى».

 

ولمن لا يعرفون قيمة وقدر الدكتور عبدالجليل مصطفى فإنه كان من ألقى البيان الأول للثورة عصر يوم ٢٥ يناير فى لحظة كان آخرون يتندرون على هذه الدعوة للتظاهر، ويسخرون من منظميها، على اعتبار أنها لن تكون أكثر من زوبعة فى فنجان.

 

وفى ذلك اليوم وقف الدكتور عبدالجليل يعلن مطالب الانتفاضة المصرية ضد مبارك ونظامه أمام العالم كله، حيث كان منسقا عاما للجمعية الوطنية للتغيير، وطوال أيام وليالى الثورة الممتدة تحولت عيادته القريبة من ميدان التحرير إلى مرفأ يأوى إليه المتظاهرون الذين أنهكتهم قنابل الغاز وهراوات الأمن، وافترستهم الشكوك حول نجاح الثورة الباسلة، حيث تحولت العيادة من الطب إلى السياسة لتكون مقرا لقيادة الثورة.

 

وحسنا فعل الدكتور عبدالجليل حين قرر اللجوء للقضاء للرد على هذه التخرصات والأكاذيب الصادرة عن العائدين من حملة شفيق، وهاهو الجنرال يفتح صندوقه الأسود ويوزع الاتهامات يمينا ويسارا كاشفا عن الذين ذهبوا إليه وذهب إليهم، ومن التقاهم خفية ومن قابلوه جهرة، من إسلاميين وليبراليين مزيفين وقوميين وقومجية، كانوا يرتدون عباءات الثورة وكأنهم أصحاب توكيلها، ولم يكن من بين هؤلاء بالطبع الدكتور عبدالجليل، إذ لو كان «منهم» لطنطن الجنرال بهذه الجرسة فورا.

 

ومناسبة هذا الكلام هى تلك الحملة البائسة التى تشن على عبدالجليل مصطفى هذه الأيام بعد قراره المحترم بالعودة إلى الجمعية التأسيسية مع زملائه المنسحبين، حيث راحت مواقع وأوكار عنكبوتية تربط بين رجوعه لتأسيسية الدستور، وبين اختيار منسق عام جديد للجمعية الوطنية للتغيير هو المهندس أحمد بهاءالدين شعبان، فى تلميح سخيف لإقصائه من الجمعية نتيجة استئنافه لدوره فى وضع الدستور.

 

والثابت أن الدكتور عبدالجليل أعلن منذ شهور بعيدة اعتذاره عن عدم الاستمرار فى موقعه كمنسق عام للجمعية، وقد شرفت بحضور عدة اجتماعات ولقاءات ضيقة شارك فيها شخصيات محترمة مثل الدكتور محمد أبوالغار والأساتذة سكينة فؤاد وحمدى قنديل وعلاء الأسوانى وآخرون، طلب فيها الدكتور عبدالجليل إسناد مهمة المنسق العام لزميل آخر، كنوع من التداول الديمقراطى للمنصب من جانب، ورغبة منه فى تخصيص وقت أطول لحياته العملية والخاصة من جانب آخر. وفيما بعد أعلن الرجل استقالته مكتوبة ومتلفزة ومنشورة فى الصحف والمواقع الإخبارية من موقعه كمنسق عام فى نهاية يوليو الماضى، بل أن وسائل الإعلام أفاضت فى ذلك الوقت فى تناول الرفض القاطع من أعضاء الجمعية لهذه الاستقالة، ومطالبته بالرجوع عنها.

 

غير أن أحدا من السادة المتطاولين على هذا الرمز الوطنى الكبير لم يجهد نفسه فى القراءة ومعرفة أصل الحكاية، مدفوعا بنهم غير عادى لإصابته برذاذ الاختلاق وتزييف الوقائع.

 

أقول قولى هذا إنصافا لرجل يضىء أفق مصر السياسى بقيم ومعان تجسد الاستقامة الفكرية والعطاء للوطن دون انتظار مقابل.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved