مصطلحات قرآنية - الرشد ج: أبعاده

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الخميس 5 أكتوبر 2017 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

«رشد الإنسان» مصطلح يدل على بلوغ الإنسان قدرة إحسان التصرف فى ممارسة وظيفته الإعمارية التى خلقه الله لها وكلفه بها. وإحسان التصرف يبدأ بمعرفة المطلوبات أولا معرفة واضحة نافية للجهالة. ومعرفة الإنسان وإحاطته بما عليه تبدأ بإدراك أطراف الوظيفة وهو المطلوب: 1ــ نحو الله 2ــ نحو الذات 3ــ نحو المجتمع 4ــ نحو الأمة 5ــ نحو العالم.

ورغم كثرة هذه الأطراف فإنها ليست شاقة لأنها جميعا متكاملة.. الأمر الذى يرضى الله هو هو ما يصلح ذاتك وهو هو ما يقوم بحقوق المجتمع والأمة والعالم.


ــ1ــ

أول أبعاد «رشد الإنسان» هو معرفة خالقه ومعرفة ما يجب عليه نحو خالقه، فالخالق جل جلاله إله واحد يعامل جميع البشر من منطلق الرحمة والعدل. فلا تمايز لأحد على أحد، ولا إهمال وضياع لحقوق أحد، ولا قهر فى تكليف ولا صعوبة فى التعرف على مراد الله وشرعه. فهو جل جلاله قد أرسل رسلا كراما وختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأنزل كتبا ختمها بالقرآن الكريم، وكل ما نزل من السماء متاح مجانا فى جميع الزمان والمكان. ومن هذا الوحى نتبين أن الله جل جلاله كلف الإنسان بمعرفة ربه والإيمان به وطاعته وحبه وعبادته بالأشكال التى ذكرها فى الوحى شكلا وموضوعا وزمانا ومكانا، وكل ذلك ذلك حدده القرآن الكريم بوضوح وبينه البيان النبوى الكريم. والمسلم يجد فى القرآن جميع رءوس الموضوعات المطلوب تحصيلها للوصول إلى «الرشد الإنسانى».

ــ2ــ

وثانى أبعاد الرشد هو معرفة ذاتك أيها الإنسان معرفة واقعية تصارح فيها نفسك: ماذا تعرف؟ وهل ما تعرف كفاية؟ وإذا لم يكن كافيا فمن أى المصادر تعرف؟ ثم تبادر لاستيفاء معرفتك وتصحيحها.

ثم بعد معرفتك بما عليك.. يجب أن تعرف حدود قدراتك ومهاراتك: ماذا تستطيع أن تنجز من التكليفات المطلوبة منك؟ وكيف تتعاون مع غيرك فى تحسين هذا الإنجاز وتعظيم فائدته؟ كيف تنمى قدراتك لتحقيق أفضل مستوى؟

وبعد أن عرفت: ماذا يجب عليك بخصوص معرفتك؟ كيف تتفاعل وتنجز ما تعرفه؟ وكيف تتأكد أن تفاعلك جاء صحيحا محققا لما يجب؟

هكذا يقف المسلم على باب الإنجاز وسلاحه هو معرفة ما عليه ومعرفة قدرته الشخصية وتحسينها..

ــ3ــ

وثالث أبعاد الرشد: معرفة الإنسان بمجتمعه الذى يعيش فيه. والمجتمع من حولنا دوائر متعددة. وأول دوائر المجتمع دائرط الأسرة بما يعنيه مصطلح الأسرة من (الزوجيةــ حقوق الزوجين بعضهما البعض)، (الوالديةــ وواجبات الوالدين نحو الأبناء القصر)، (البنوةــ وواجبات البالغين نحو الوالدين)، (ذوى القربى ــ وواجبات أقاربك من النسب)، (ذوى الأرحام ــ وواجبات أقاربك من ناحية النساء) .

ثم دائرة الجوار بما تضمه من جيران وأصدقاء وزملاء وشركاء إلخ. ثم دائرة المؤسسات من المحليات إلى الدولة إلى النقابات إلى الجمعيات والأحزاب. ثم دائرة الإعلام والإعلان وهذا الزخم الخطير وماذا تتابع وماذا تقاطع ومن تصدق ومع من تفاعل؟ ثم دائرة ذوى الاحتياجات الخاصة من احتياجات مالية كالفقير والمسكين وابن السبيل والعاجز عن الكسب والعائل المحتاج، واحتياجات صحية كأصحاب الإعاقة ومرضى الأمراض المزمنة، واحتياجات اجتماعية كفاقد الأبوين والجانح واليتيم والمطلقة والأرملة.. وغير ذلك كثير، وما لم يحط الإنسان علما بكل هؤلاء ويلتزم ــ على قدر طاقته ــ بدور معهم فسوف يبقى بينه وبين الرشد مسافة شاسعة.



ــ4ــ


أما البعد الرابع من أبعاد الرشد فهو تكليفك نحو أمتك: ورغم ضخامة العنوان فإن الأمر واضح السهولة، فالمسلم الراشد يحمل هموم تخصه فقط، فليس المطلوب من كل مسلم أن يتحمل شئون الأمة وحده!! بل المطلوب كى تكون راشدا أن توجه اهتمامك داخل مجتمعك بما ينفع الأمة ويغنيها ويسد حاجتها. فأمة الإسلام ليست أمة عدوان ولا بغى، إنما نحن أمة سلام، ويطالبنا الشرع بإعداد القوة وليس لاستعمالها ولكن لمنع الآخرين من العدوان علينا.


ــ5ــ

وآخر أبعاد الرشد هو درايتك بما عليك تجاه البشرية جميعا مهما اختلفت معهم فى اللون والمعتقد واللغة، فالمسلم الراشد هو من يدرك أن جميع البشرية يركبون سفينة واحدة يجب الحفاظ عليها، كما يجب إحسان ودوام التواصل بين الجميع ضمانا لسلامة السفينة، وتخفيفا لعناء رحلة الحياة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved