ألغام على السلمى العسكرية

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: السبت 5 نوفمبر 2011 - 8:40 ص بتوقيت القاهرة

نجح الدكتور على السلمى، ومن ورائه المجلس العسكرى فى تفخيخ المشهد السياسى كله بوثيقته الملغومة، وبالتأكيد كان الذين نزعوا فتيل الوثيقة يدركون انها ستنفجر فى وجه الجميع، وتأخذ مصر كلها إلى حلقة جديدة وعنيفة فى مسلسل الاشتباكات والمعارك التى تبدأ ولا تنتهى إلا بعد أن تكون قد أكلت مساحة جديدة من جغرافيا التوافق والاتفاق أو الالتقاء عند الحد الأدنى من مطالب جمعية.

 

لقد كان أصحاب الوثيقة يدركون قبل أن يقذفوها فى وجوه الجميع أن البند رقم 9 من شأنه إثارة الغضب والصراخ والتداعى إلى مليونيات وربما التهديد بمقاطعة السيناريو المرسوم للمرحلة المقبلة كله، ومن ثم نبقى أسرى للجدل والمعارك الكلامية الصاخبة، ليخرج علينا أصحاب توكيل الاستقرار ومديرى عجلة الانتاج فى النهاية ببكاء وعويل فى وجه الأشرار الذين لا يريدون لمصر أن تتحرك إلى الأمام، ويعاود الخبراء الاستراتيجيون إلقاء الدروس والمواعظ وادعاء الحكمة.

 

ويمكنك أن تقول إن هذه الوثيقة أعلنت كى لا تمر، والأخطر أنها احرقت ما سواها من وثائق كان الجميع قاب قوسين أو أدنى من التوافق عليها، فالذى صاغها على هذا النحو يدرك جيدا أن متلقيها سيتعاملون معها على طريقة العميان والفيل فى قصة فولتير الشهيرة، فكل طرف يصف الفيل منطلقا من إدراكه الخاص له، وفى النهاية لا أحد توصل إلى أنه الفيل، فمن يعتبرون أنفسهم إسلاميين هاجوا ضد الوثيقة من منظورهم الخاص، إذ لا يطيقون سماع كلمة مبادئ دستورية من أصله، فيما ثارت كل التيارات السياسية ضد ما تمنحه الوثيقة فى بندها التاسع للمؤسسة العسكرية من سلطات تجعلها فوق الدستور وفوق البرلمان وأعلى من الرئيس، حتى مع ما أعلنه السلمى فى مؤتمره الصحفى من تعديلات على البندين التاسع والعاشر، توفر الوثيقة للمجلس العسكرى وضعا لا نظير له فى أى مكان فى العالم.

 

وعلى هذا تبدو وثيقة السلمى وكأنها عصا موسى التى أريد لها أن تلقف ما عداها من وثائق أنفقنا وقتا طويلا فى التحاور والتباحث والتفاوض حولها حتى أوشكت كل الأطراف على الوصول إلى توافق بشأنها، وكان آخرها وثيقة الأزهر التى بدت أوفر حظا من غيرها لكى يلتف حولها الجميع، وقبلها كانت هناك مبادرات ومحاولات من قوى وطنية مخلصة لإنجاز هذا الأمر، ارتضى أصحابها فى نهاية المطاف اعتبار وثيقة الأزهر إطارا معقولا وجيدا.

 

غير أن كل ذلك تبخر بضربة معلم كان وراء إطلاق وثيقة السلمى فى هذا التوقيت وكأن المقصود هو حرق الوثائق كلها وجر القوى السياسية لاستئناف التراشق والتعارك، ثم يأتى دور الإعلام الكسيح ليظهر للعامة أن السياسيين يريدون وقف حال البلد، ولا حل إلا أن نترك المجلس العسكرى يشوف شغله!

 

شكرا على السلمى: أصبت الهدف!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved