تسونامى فى السعودية

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 5 نوفمبر 2017 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

‎السعوديون أو على الأقل غالبيتهم لا يحتفلون بعيد الحب الذى يحتفل به الغربيون فى الرابع من نوفمبر كل عام. لكن المؤكد أن هذا اليوم سوف ينحفر بعمق فى السياسة السعودية لسنوات مقبلة، إلا إذا شهدنا تطورات أكثر زلزالية فى الأيام المقبلة. 
‎السياسة السعودية التقليدية تفضل العمل فى صمت وفى الغرف المغلقة، ولا تعرف التغيرات الدراماتيكية، التى كانت سائدة فى بلدان عربية كثيرة، خاصة فى الشام.
‎ لكن ما حدث يوم السبت هو أكثر من زلزال وأقرب إلى التسونامى، الذى جرف وسوف يجرف معه وأمامه، ما كان يعتقد كثيرون أنه من المسلمات الراسخات. 
‎كان البعض يعتقد أن الإجراءات التى اتخذها الملك سلمان بن عبدالعزيز بمجرد تسلمه الحكم، وقبل دفن شقيقه الملك عبدالله، هى الأشد والأعنف، حينما أبعد ولى العهد الأمير مقرن، وبعض المحسوبين على الملك الراحل. لكن قرارات ليلة الأحد، هى الأشد على الإطلاق، وأطلق عليها البعض أوصافا من قبيل أنها انتفاضة أو ثورة تصحيح إلى مذبحة المماليك التى تخلص بموجبها محمد على باشا من كل خصومه فى أول مارس عام ١٨١١. 
‎أن يتم التحفظ وإلقاء القبض وإقالة هذا العدد الضخم من الأمراء والوزراء والمسئولين ورجال الأعمال الهوامير وليس الكبار فقط، فذلك ما يعطى هذه الإجراءات صفة الزلزال، الذى يعتقد أن توابعه لن تتوقف ليس فقط فى المملكة، ولكن فى كل المنطقة.
‎تقول التقارير إن من بين المقبوض عليهم أو المتحفظ عليهم أو المقالين متعب بن عبدالعزيز والوليد بن طلال وعادل فقيه ووليد الإبراهيم وتركى بن ناصر وخالد التويجرى وعمرو الدباغ وصالح كامل وإبراهيم العساف وبكر بن لادن وآخرون. 
‎هؤلاء قوة مالية وسياسية كبرى، وعندما يتم اتخاذ قرار بالقبض عليهم والتحقيق معهم بتهم الفساد والرشاوى والتربح وغسيل الأموال، فالمعنى أن محمد بن سلمان الذى تولى رئاسة اللجنة مكافحة الفساد الجديدة، قرر أن السياسة الجديدة تتطلب قرارات زلزالية وليس إجراءات احتوائية، وأنه ربما قرر أن يضرب خصومه قبل أن يشكلوا قوة ضغط لن يستطيع مواجهتها فى المستقبل. 
‎إبعاد متعب بن عبدالعزيز يعنى تقريبا إبعاد كل أو معظم المحسوبين على مجموعة الملك عبدالله، ويعنى أن طريقة جديدة سيتم اعتمادها فى المشهد السعودى المقبل. 
‎القبض على هذه المجموعة من كبار الحيتان والهوامير يعنى أن محمد بن سلمان ضمن تأييد قطاعات واسعة من السعوديين العاديين الذين يعتقدون أن فقرهم وبؤسهم راجع إلى فساد بعض الأمراء فى الأسرة المالكة ورجال الأعمال. 
‎وخطوة السماح للمرأة بقيادة السيارات والحريات النسبية تضمن له تأييد المراة وقطاعات واسعة من الشباب. 
‎لكن هل يعنى ذلك أن الأمر تم حسمه لمصلحة ولى العهد أو الملك القادم؟!
‎المؤكد أن الإجابة هى لا على الأقل حتى إشعار آخر. فهناك أسئلة كثيرة ستظل معلقة فى الهواء ومنها: هل التيار القديم استسلم؟ وماذا عن الخارج وماذا عن أمريكا؟
‎وهل هذه القرارات ستؤثر على مستقبل الأزمة مع إيران، بل إن البعض يسأل: هل التفكير الجديد فى المملكة قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات أكثر راديكالية مع قطر؟! 
‎علينا الانتظار قليلا حتى تتضح الصورة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved