دروشة سليمان عامر

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 6 مارس 2011 - 9:24 ص بتوقيت القاهرة

 «أرض السليمانية لم يعطها لى السيد الرئيس السابق أو رئيس الوزراء أو أى مسئول، بل أعطانى إياها الله وحده، فهى صدقة من الله فى يدى، حيث كنت أمر بالطريق ورأيت رجلا ينام على دكة خشبية أمام الأرض فأيقظته واشتريت منه الأرض خالية تماما من أى حياة».

ما سبق نص فقرة كاملة وردت فى إعلان مدفوع الأجر من رجل الأعمال سليمان عامر فى أكثر من صحيفة يومية خلال الايام الماضية.

لم أصدق نفسى وأن أقرأ هذا الإعلان الذى اختار له صاحبه عنوانا هو «إن الحكم إلا لله».

بالطبع الحكم لله أولا وأخيرا، لكن ما علاقة هذه الآية ــ التى يستخدمها أنصار نظرية الحاكمية الإلهية ــ بإعلان يفترض أنه يجيب عن سؤال جوهرى هو: هل السيد سليمان عامر شريف أم فاسد؟.

لا أملك دليلا دامغا يدينه، لكن أعرف أن جهة رسمية هى هيئة التنمية الزراعية تقول منذ شهور إنه خالف القانون حينما حصل على حوالى 2800 فدان فى طريق الإسكندرية الصحراوى بأقصى سعر للفدان لا يزيد على 200 جنيه، وفى بعض الأحيان اشترى الفدان بخمسين جنيها فقط ..ثم قرر الرجل من تلقاء نفسه، ألا يستصلح الأرض بل يقيم عليها مساكن وفيللات ومنتجعات فاخرة يصل سعر المتر الواحد فيها إلى ألفين أو ثلاثة آلاف من الجنيهات.

وبدلا من أن ينشغل عامر بحل مشكلاته مع وزارة الزراعة، قرر التفرغ لكتابة الإعلانات التى تدافع عن شخصه وبالمرة قد تسكت بعض الصحف التى تسعى لفتح أبواب «لعن الله من فتحها».

لكن السيد عامر زودها «حبتين» فى الإعلان الأخير حينما يقول إن الأرض أعطاها له الله وحده.

يا سيد عامر، الله وحده هو الذى يعطى، وهو الذى يرزق بيل جيتس المسيحى، فى أمريكا، ومسكوفيتش إمبراطور الاستيطان الصهيونى فى إسرائيل، ويرزق رجال الأعمال الهندوس والسيخ فى الهند والبوذيين فى الصين والعلمانيين فى أوروبا. هو يعطى لهم ربما رزقا واسعا فى الدنيا وسيحاسبهم على أفعالهم فى الآخرة.

لكن الحصول على قطعة أرض يحتاج إلى تراخيص وأوراق رسمية ينبغى أن تكون كاملة وسليمة حتى يبارك لنا الله فيها.
وبالتالى فلا تغرقنا فى تفاصيل كيف حصلت على الأرض وهل أعطاها لك الله، أم بعض المسئولين الضعاف النفوس فى وزارة الزراعة، وهل اشتريتها من رجل كان ينام على الأرض أم من موظف كان يفتح درج مكتبه، أو «يكبر دماغه».

يا سيد عامر، ما نريده منك أن تذهب إلى الأجهزة المختصة أنت وأمثالك لتثبت أنك حصلت على هذه الأرض بالطرق المشروعة، وأنك عندما غيرت نشاطها من الزراعة إلى الإسكان الفاخر قد دفعت الفرق الحقيقى لخزانة الدولة وبالسعر العادل.

يا سيد عامر: من حقك أن تتضرع إلى الله وتترجاه كما جاء فى الإعلان «ألا يتركك، فالحبيب لا يترك حبيبه» لكن من حق الشعب أن يطالب النائب العام بأن يحقق معك تحقيقا عادلا.

يا سيد عامر: الأفضل أن تبرىء نفسك أمام الشعب عبر محكمة مسئولة. أما أمور الدروشة وخلط الدين باستصلاح الاراضى والمنتجعات فلن يجدى ..والأفضل أن تجعل أمر تدينك وورعك بينك وبين حبيبك ــ الذى هو الله.
يا سيد عامر دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved