اغتيال رزان جريمة «إسرائيلية» أخرى

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 6 يونيو 2018 - 8:46 م بتوقيت القاهرة

يصر قادة وجنود الاحتلال «الإسرائيلى»، على أن يقدموا كل يوم دليلا جديدا على استهتارهم بالأخلاق، ومجافاتهم للقيم والقوانين والأعراف الدولية، فى محاولة، على ما يبدو، لتذكير العالم دائما بأن «إسرائيل» دولة فوق القانون، وأن محاسبتها على أعمالها الإجرامية بحق الشعب الفلسطينى، ليست سوى أحلام غير واقعية.
والحقيقة أن قادة الاحتلال يعتمدون فى هذا الموقف الغريب الذى لا ينسجم وأبسط المبادئ الدولية، على ما يقدمه الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية لـ«إسرائيل» من دعم أدبى، ومعنوى، ومادى، وتزويدها بالسلاح الأخطر، وحمايتها، وتغطية جرائمها سياسيا على الساحة الدولية، نظرا لدورها كحارس للمصالح الغربية، ومخرب، ومعيق لأى توجه عربى للتطور وامتلاك عناصر القوة اللازمة لحماية المنطقة العربية من الأطماع الخارجية.
ومنذ أيام قليلة، قدم المحتلون «الإسرائيليون»، مثالا صارخا جديدا على تحديهم للقانون الدولى الإنسانى، باستهدافهم عمدا لمسعفة فلسطينية، تابعة للهلال الأحمر الفلسطينى، وهى الشهيدة الشابة رزان النجار التى استهدفها جنود الاحتلال عن عمد، فيما كانت تقوم بدورها الإنسانى، فى إغاثة الجرحى الذين يصابون بنيران الاحتلال على تخوم غزة، وهى جريمة جديدة تضاف إلى سجل «إسرائيل» المملوء بالجرائم، وتحدى القانون الدولى على مدى عشرات السنين.
وكما هو معروف فإن اتفاقية جنيف الرابعة تمنع استهداف الأشخاص المشمولين بالحماية بموجب قانون المعاهدات والقانون الدولى الإنسانى العرفى، التى تشير بالتحديد إلى المرضى، والجرحى، والمنكوبين فى البحار، والأسرى والمدنيين الذين لا يشاركون مباشرة فى الأعمال الحربية، والعاملين فى الخدمات الطبية والهيئات الدينية، والعاملين فى المجال الإنسانى وأفراد قوات الدفاع المدنى.
ويدعو المبدأ العام إلى احترام حياة وكرامة الذين لا يشاركون، أو كفوا عن المشاركة فى الأعمال العدائية، وكفالة أمنهم. ويسرى القانون الدولى الإنسانى على جميع أطراف النزاع، الدول منها وغير الدول، ويُلزمها باحترام قواعده وضمان احترامها.
أى إن استهداف جنود الاحتلال للمسعفة الفلسطينية، رزان النجار، يعد جريمة بحق الإنسانية، وانتهاكا صارخا للقانون الدولى الإنسانى، الذى ينطبق على عدد كبير من المهام التى يضطلع بها أفراد الدفاع المدنى، أو العاملون فى الخدمات الطبية أثناء الحروب، مثل معالجة الجرحى، وعمليات الإجلاء، ومكافحة الحريق، وتطهير جثث الموتى والتخلص منها، وبالتالى لا يجيز ارتكاب أى هجوم على أفراد الإسعاف والدفاع المدنى المكلفين بهذه الأنشطة، ولا يشاركون فى العمليات العدائية، وينص أيضا على توفير الحماية للمعدات والسيارات والمبانى.
والحقيقة أننا لو توقفنا أمام الممارسات «الإسرائيلية» شبه اليومية التى تجرى سواء داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة، أو خارجها، لوجدنا أن هذه الممارسات، تعد انتهاكا صارخا، وواضحا، وخطيرا، لكل هذه القوانين الدولية، كما أنها تمثل أكبر إهانة للمجتمع الدولى، الذى يفترض أن يكون حريصا على القوانين والأعراف الدولية، والانضباطية فى تنفيذها، ومحاسبة الجهات، أو الدول التى تصر على انتهاكها.
إلا أن تجاهل المجتمع الدولى للسلوك «الإسرائيلى» المدمر، واستمرار تغطية الغرب الاستعمارى للجرائم «الإسرائيلية»، يساعدان فى اتساعها وزيادتها، بدلا من محاسبة مرتكبيها وتقديمهم إلى العدالة الدولية، لا سيما أن الجرائم «الإسرائيلية» تمثل أيضا انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان التى يتشدق الغرب ليل نهار بأنه حاميها والمدافع القوى عنها.
ورغم اعتماد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أخيرا، قرارات تدعو لحماية الشعب الفلسطينى، وتشكيل لجنة تحقيق فى الجرائم «الإسرائيلية» وتدين الانتهاكات والممارسات «الإسرائيلية» فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وما سبقها من عشرات، وربما مئات القرارات المشابهة، فإن «إسرائيل» تصر على مواصلة نفس الأساليب الهمجية التى دأبت على استخدامها ضد الشعب الفلسطينى، إن كان من خلال عمليات القتل شبه اليومى، أو استهداف الطواقم الطبية الفلسطينية التى كان آخرها استهداف رزان النجار، أو هدم المنازل، وعمليات الاعتقال الدائمة، وتعذيب الأسرى وغيرها من الممارسات الوحشية.
وأمام كل هذه الجرائم، وانتهاكات القانون الدولى المتعمدة، لابد من التساؤل: إلى متى ستبقى «إسرائيل» دولة محمية بالقوة الغربية، ترتكب جرائمها بلا حساب، وإلى متى سيبقى المجتمع الدولى أعمى البصر، والبصيرة؟

نبيل سالم
الخليج ــ الإمارات

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved