جدل لن يتوقف

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 6 سبتمبر 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

الذى يتأمل تشكيل المجالس والهيئات والمؤسسات ما بعد تولى الرئيس محمد مرسى للحكم سيلاحظ أن عدد المعينين من الإخوان المسلمين لا يمثل الأغلبية المطلقة فيها.

 

استنادا إلى هذه الحقيقة الحسابية ينطلق أنصار الجماعة فى نفى نظرية الأخونة متهمين خصومهم بانهم صاروا مصابين بفوبيا الأخونة.

 

لكن المدقق أكثر يكتشف أن نسبة الإخوان مضافا إليها نسبة السلفيين فى أى هيئة أو مؤسسة أو مجلس تمثل النسبة الأكبر لأى تيار مجتمعا وبجانبهم أفراد من تيارات وهيئات وأحزاب وتنظيمات مختلفة، لكنهم فى النهاية ليسوا قوة مجتمعة.

 

قبل الدخول فى أى جدل يلزم التنبيه أن غالبية المعينين فى الهيئات الاستشارية أو مجالس حقوق الإنسان والأعلى للصحافة ورؤساء مجالس إدارات الصحف، هم شخصيات لها دور وطنى ونضالى لا غبار عليه قبل وأثناء الثورة.

 

وانصافا لهم ينبغى أن يكون السؤال بشأنهم هو ماذا يمكنهم أن يفعلوا بدلا من أن «نكسر مقاديفهم» من الآن ونتهمهم بالفشل قبل أن يبدأوا.

 

هل اختيار الإخوان لهذه الشخصيات العامة غير الإخوانية رشوة لهؤلاء الناس كى يتم شراء ولائهم ويصمتوا عن «الأخونة»؟!.

 

سؤال فى غير محله لانه لو حدث العكس فسوف نثور جميعا ونقول «انظروا الإخوان كوشوا على كل شىء ولم يتركوا للآخرين ولو مقاعد شرفية.

 

البعض لام رئاسة الجمهورية لأنها استبعدت معظم اليساريين لكن هؤلاء لم يلاحظوا مثلا انه تم عرض مناصب فى الفريق الرئاسى لبعض الشخصيات اليسارية المحترمة ورفضت لان تقديرها أن وجودها داخل مؤسسة الرئاسة قد لا يكون هو القرار الافضل الان.

 

أغلب الظن أن الإخوان يحلمون بأن تصير مصر كلها إخوانية اليوم قبل الغد، مثلما يتمنى حزب الوفد أن يراها ليبرالية والتجمع اشتراكية، لكن يبدو أن الإخوان لديهم خطة متدرجة لهذا الأمر شعارها «استطلع الأمر اولا ثم سيطر وبعدها اهضم».

 

تفسير هذه النظرية أن يتم وضع عدد من ممثلى الإخوان فى أهم مؤسسات صحفية مؤثرة على أن تترك باقى المؤسسات الصحفية «التعبانة والمرهقة ماليا» لشخصيات غير محسوبة على الإخوان، مع ملاحظة أن الآخرين لن يمثلوا خطرا على الجماعة لانهم سيكونوا مدنيين بالفضل لها فى أمر تعيينهم.

 

فى المستقبل قد يتم التوسع فى تعيين المقربين إذا كان الجو يسمح بذلك.

 

هل ما تفعله الجماعة والرئىس صح أم خطأ؟ الإجابة تقديرية وتختلف حسب المكان الذى تتحدث منه والانتماء الذى تدين به.

 

يقول الإخوان إن مرسى هو الرئىس المنتخب ومن حقه تعيين من يشاء طالما أن القانون يعطيه هذا الحق والشعب سيحاسبه على هذا الأمر والمعارضون يقولون إن الأمر تكويش وأخونة... من المخطئ ومن المصيب؟!.

 

لن نعرف ذلك يقينا، لكن السياسة لا تقاس بهذه الاسئلة المجردة.. السياسة تعرف موازين القوى، ومن يمسك بالسلطة أو يستطيع فرض رأيه، أو التأثير فيها حتى لو كان معارضا هو الذى يقول كلمته.

 

ولذلك فالرهان ينبغى دائما أن يكون على الشارع والمواطن ويتم ترجمة ذلك الى مقاعد فى البرلمان وتشكيل حكومة وبالتالى فرض ما تشاء من السياسات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved