هامش للديمقراطية ــ المحاسبة والمسئولية الغائبتان

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الأحد 6 أكتوبر 2013 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

نعود إلى البدايات: حين تتعرض حقوق وحريات المواطنات والمواطنين لانتقاص مستمر أو لتهديدات متتالية، فإن التنظيم الديمقراطى للدولة وللمجتمع يمكن من المحاسبة الشفافة والناجزة للمسئولين بصفاتهم الفردية والوظيفية ويدخل التعديلات القانونية والسياسية والإدارية الكفيلة بضمان الحقوق والحريات. أما حين تغيب الديمقراطية، فلا محاسبة ولا شفافية ولا ضمانات ولا مسئولية.

خلال العقود الماضية تحول الانتقاص المستمر من حقوق وحريات المواطن إلى مكون أصيل لدولاب عمل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها التنفيذية والإدارية، سببته فى بعض الأحيان الطبيعة السلطوية للدولة التى دفعتها للقمع وللتعذيب وللتقييد ووقف من ورائه الفساد والإهمال وسوء الأداء الحكومى فى أحيان أخرى. وكان قتل خالد سعيد وكارثة عبّارة السلام وكوارث مرفق النقل المتكررة هى قمة جبل السلطوية المنتقصة من الحقوق والحريات والمتجاهلة لضرورة المحاسبة والشفافية والتغيير.

ولم يتبدل الأمر كثيرا منذ ثورة يناير ٢٠١١، بل تراكمت الأحداث السياسية والمجتمعية المروعة من ماسبيرو إلى رابعة العدوية وتوالى فقد الأرواح بها ومرورا بكارثة أطفال مزلقان الصعيد فى ٢٠١٢ (أسيوط) إلى المعتقلين الذين اختنقوا فى سيارة ترحيلات الشرطة فى ٢٠١٣ إلى أطفال حضانة مدرسة الطفل الحديث الذين قضوا فى حادثة طريق فى ٢٠١٣ (الجيزة).

لم يتبدل الأمر كثيرا، فالمحاسبة والشفافية غائبتان، والدولة تعلن عن لجان تقصى حقائق يسمع الرأى العام عنها مرة واحدة ثم تختفى دون رجعة، وتفعيل المسئولية السياسية باتجاه السلطة التنفيذية أى الحكومة وأجهزتها يكاد لا يرى، والانتقاص من الحقوق والحريات يتحول إلى فعل أهلى (أى غير حكومى) تمارسه مجموعات خارجة على القانون مدفوعة بالسياسة أو بغيرها على النحو المروع الذى يعانى منه يوميا المواطن والذى شاهدناه خلال الفترة الماضية فى استاد بورسعيد وحادثة السحل فى أبوالنمرس وقتل عناصر الشرطة والتمثيل بالجثث فى كرداسة وفى الاعتداءات على الكنائس فى الصعيد وعلى مواطنين فى سياق أو على هوامش تظاهرات يفترض أن تكون سلمية وهى أبعد ما تكون عن ذلك (مصرع متظاهر وإصابة آخرين والاعتداء المدان بالكامل على الإعلامى خالد داوود يوم الجمعة الماضية).

هذه عناصر أزمة متكاملة تعيش بها مصر كدولة ومجتمع، ولا خروج لنا منها إلا باستعادة مسار ديمقراطى حقيقى يضمن الحقوق والحريات ويلزم الدولة بسيادة القانون وبالامتناع عن القمع والعنف الرسمى وبتفعيل المحاسبة والشفافية والمسئولية ويحول بين المجموعات الخارجة على القانون وبين مواصلة العنف والترويع، مسار ديمقراطى ينقذ إنسانيتنا.

غدًا هامش جديد للديمقراطية فى مصر

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved