القمة الكبرى فى عرفات

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 6 نوفمبر 2011 - 11:10 ص بتوقيت القاهرة

طوال السنوات الماضية أشاهد منظر جموع وحشود الحجاج فوق عرفات، عبر التلفاز أو صور وكالات الأنباء، وأقول فى سرى وعلنى ــ شأن ملايين المسلمين ــ سبحان الله. أمس السبت عشت هذا الحدث، بكل تفاصيله، والفارق بين أن تشاهد المنظر فى التلفاز أو صور الصحف، وأن تعيشه على أرض الواقع، هو الفارق بين السماء والأرض تقريبا.

 

فى معسكر وزارة الثقافة والإعلام بعرفات هناك برج مخصص للبث الإذاعى والتليفزيونى، ارتفاعه يزيد على عشرين مترا، صعدت فوقه مع مجموعة من الصحفيين الإعلاميين لرؤية هذا الجمع. تعبير بحر أو نهر من البشر ليس مجازيا بالمرة، العيون لا تستطيع أن تدرك نهاية الحشود، كل المنطقة الصحراوية الجبلية الصفراء اكتست باللون الأبيض، ومن بعيد تستطيع أن ترى جبل الرحمة ــ حيث خطب الرسول الكريم خطبة الوداع ــ وقد تحول إلى كتلة بشرية.

 

مشهد مهيب يشعرك بالرهبة والخشوع، مشهد يجعل أقسى القلوب تلين وتخشع.

 

نزلت من البرج، وخرجت لأذوب وسط هذا البحر البشرى.

 

من قبيل التكرار القول أن الحج هو أكبر وأضخم قمة بشرية من نوعها فى العالم، هى أمم ممتدة كما ينبغى أن تكون، ممثلون لكل الأعراق والجنسيات، كل الألوان والبلدان واللغات واللهجات ممثلة فى هذه القمة بصورة ديمقراطية.

 

هى قمة لا يجلس فيها الرؤساء والملوك فى المقدمة أو فى الغرف المغلقة، بل الجميع متساوون كأسنان المشط، لا فرق بين وزير وغفير، رئيس أو مرءوس، أبيض أو أسود، غنى أو فقير.

 

الجميع خاشعون، يبتهلون إلى الله بالدعاء أن يغفر ذنبهم ويقبل توبتهم ويحقق لهم ما يتمنون. بالعقل المجرد يصعب تصور كيف يتجمع هذا العدد الذى يصل إلى الملايين الأربعة فى هذا المكان، وكيف ينتقل فى وقت واحد إلى المزدلفة ثم منى ثم مكة، لكنها كما يقول البسطاء، إرادة الله التى تيسر كل صعب وتجعله سهلا.

 

فى هذا المكان العظيم بكيت سائلا الله أن يقبل توبتى ويغفر لى، دعوت لكل الأهل والأصدقاء والزملاء بأن يتقبل الله منهم صالح الأعمال. دعوت لمصر أن ينجيها من كل سوء يجنبها كيد الكائدين.

 

لكن السؤال الذى يظل يطاردنى هو: كيف لأمة تملك كل هذا المخزون الإيمانى والقدرة على التجمع والحشد، أن تكون بمثل هذا التخلف؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved