محاصرة الفكرة أولا

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 7 يوليه 2017 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

لا تزال دماء جنود مصر البواسل تسيل على أرض سيناء، دفاعا عن أمن المواطنين جميعا، وتصديا لتنظيمات العنف الدامى وخلايا الإرهاب الأسود، التى تستهدف زعزعة استقرار البلاد وتحويلها إلى مستنقع تعم فيه الفوضى والاضطرابات.

وبعد فترة من الهدوء النسبى على مجمل محاور المواجهة الأمنية فى سيناء، شهد يوم الجمعة هجوما إرهابيا كبيرا، تمكنت خلاله عناصر قوات الجيش من تصفية 40 تكفيريا على الأقل وتدمير 6 سيارات تابعة للعناصر الارهابية المسلحة خلال محاولتها استهداف احدى النقاط الامنية برفح، كما أسفر هذا الهجوم ايضا عن استشهاد وإصابة 26 فردا من أبطال القوات المسلحة، وفق بيان المتحدث العسكرى.

هذه العملية الإرهابية الجديدة فى سيناء، تضاف إلى قائمة العمليات التى شهدتها البلاد خلال العام الحالى، وهى بالتأكيد تبدو أقل عددا مما شهده العام الماضى، فقد بلغ عدد العمليات الإرهابية التى شهدها عام 2016 نحو 199 عملية، احتلت سيناء الترتيب الأول فيها بعدد 92 عملية، يليها بفارق كبير محافظة القاهرة، والتى شهدت وقوع 5 عمليات إرهابية، ويلاحظ أن العمليات الإرهابية قد شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال الربع الأخير من عام 2016 (أكتوبر ــ نوفمبر ــ ديسمبر) بواقع 104 عمليات إرهابية، حيث شهد شهر أكتوبر 2016 وقوع (53 عملية) وهو الشهر الاعلى فى عدد العمليات خلال عام 2016، وذلك وفقا لدراسة اعدها الباحث أحمد كامل البحيرى، ونشرها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

لماذا يتواصل جريان الدم فى سيناء؟. هذا السؤال يتجدد مع كل حادث ارهابى كبير فى أرض الفيروز، والاجابة تبدأ بالتأكيد على أن مواجهة الارهابيين بقوة السلاح فقط، لن تتمكن من تحقيق الهدف المنشود، وهو القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة على أمن واستقرار المجتمع.. فمواجهة الارهاب لا يمكن فقط أن ترتكز على العمل العسكرى أو المواجهات الامنية، وإنما تتطلب جهدا فكريا فائقا، يكون قادرا على محاصرة الارهاب كفكرة وليس كأفراد.

فالتطرف والعنف والتشدد، ليس أكثر من مجرد أفكار، تبدو براقة وجذابة لقطاع واسع من الشباب، يمكن استقطابه وتجنيده بشكل سهل، خصوصا إذا ما تم تغليف هذه الأفكار برداء دينى، ولم تجد من يتصدى لها أو يواجهها بالمنطق والدليل والشرع.

كذلك ينبغى أن تتجه الحكومة إلى العمل على تحقيق تنمية حقيقية فى سيناء، تكفل توفير فرص عمل للمواطنين هناك، حتى لا يكونوا فريسة سهلة للجماعات المتطرفة التى تستغل ظروفهم الاقتصادية الطاحنة، وتستقطبهم بالإغراءات المادية الهائلة التى تمتلكها، وبالتالى يصبحون عجينة طيعة فى أيديهم يستطيعون تشكيلها وتوجيهها مثلما يريدون.

أيضا يجب العمل على محاصرة الدول التى تدعم وتمول وتحتضن الإرهاب، وربما يكون الضغط الذى تمارسه مصر والسعودية والإمارات والبحرين على قطر فى الفترة الحالية، مدخلا حقيقيا لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، ومحاصرة الجماعات التى تحاول تقويض استقرار وأمن المجتمعات.

نعلم أن الطريق شاق وطويل ويحتاج إلى الصبر من أجل القضاء على هذه الظاهرة الخطرة والمهددة لبقاء الدول، وما علينا الا ان نركز الجهود ونرص الصفوف لهذه المواجهة، لكن فى الوقت ذاته، ولكى نحقق هذا الاصطفاف على الدولة التخلى عن محاولة خنق المجال العام ومحاصرة المجتمع المدنى وتدجين الإعلام حتى يصبح صوتا واحدا.. فالإرهاب لا ينمو أو يترعرع إلا فى ظل هذه الاجواء البوليسية والقمعية، التى تزيد من مشاعر الغضب والنقمة بين الأجيال الصاعدة، وتجعلهم يصطفون فى المنطقة الخطأ.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved