دليل اختيارات السياسى (٢ــ٢)

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الأربعاء 7 أغسطس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بالأمس ناقشت اختيارات ثلاثة أساسية تطرح ذاتها على ممارسى السياسة فى المحطات والمراحل الوطنية الفارقة. واليوم، أتابع باختيارين أخيرين. الاختيار الرابع ــ الحدود القصوى: والسياسى هنا يعمد فى المحطات والمراحل الفارقة إلى تبنى مواقف وأفكار وآراء حادة لا تسمح له فى الأغلب الأعم بقبول الآخر أوبالمراجعة الذاتية وإعادة التقييم. قد ترتبط دوافع سياسيى الحدود القصوى باستمالة الرأى العام بتحويل توجهاته وتفضيلاته إلى توجهات وتفضيلات مطلقة ومتطرفة وتزعم موجاتها، قد تتعلق بالتركيبة الشخصية للسياسى وقناعاته وقدراته (خطابية، إقناعية، معرفية، أخرى).

هنا يتحول الدعم إلى تأييد غير مشروط وغير قابل للإنهاء، والرفض إلى إقصاء وكراهية وترويج لمقولات فاشية ومتطرفة، والسياسة إلى صراع أضداد ومعادلات صفرية (إما نحن وإما هم)، والسياسى إلى مكبر أو مصغر للديكتاتور وللمحرض ولممارس العنف اللفظى أوالمادى، والقوى والتيارات السياسية إلى حركات متطرفة. سياسيو الحدود القصوى، ونطالعهم اليوم بكثافة فى المشهد المصرى إما كمحرضين على العنف أوكخبراء فى علم «فض الاعتصامات» أو كأصوات تدعو جهارا نهارا إلى كراهية الآخر السياسى (اليمين الدينى) وإقصائه وإلغائه، هم سياسيو المحطة الواحدة والمرحلة الواحدة يستهلكونها وتستهلكهم ويتوارون بعدها.

الاختيار الخامس ــ بعض المبادئ ينفع وبعض المصالح لا يحتمل التأجيل: والسياسى هنا يحدد بوصلة فعله فى المحطات والمراحل الفارقة استنادا إلى رغبته فى الانتصار لمبادئه ممزوجة بتحقيق مكاسب عامة أو خاصة. يدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم يشارك فى إدارة حكومية تبتعد عن هذه المعايير ربما بغية الحد من الضرر أو ترددا أو بحثا عن مكاسب أخرى. يتبنى سيادة القانون ومدنية الدولة، ثم يساوم عليها ويتنصل منها فعليا (وإن احتفظ بـ«لافتاتها» وشعاراتها خالية من المضمون) عند أول محطات الصراع السياسى ويستقوى بمؤسسات عسكرية أوأمنية أو يتجاهل سيادة القانون. يتحدث عن المساواة والمواطنة والعدالة والعيش المشترك، ثم يتورط فى الموافقة (وربما على مضض) على إجراءات تنقلب عليها أو تنتقص منها، وقد يبررها.

بعض سياسيى ثنائية المبادئ ــ المصالح ينجحون فى تجاوز المحطات والمراحل الفارقة دون أضرار شخصية بالغة، وبعضهم يجد منفذا إلى كتب التاريخ كمساوم على المبادئ ومبرر لمصالح من التحق بهم حكما أو معارضة. ومعضلتهم فى الحالتين هى انتفاء قدرتهم على إقناع أصحاب المواقف الأخلاقية القاطعة من جهة وسياسيى الانتظار وغريزة البقاء والحدود القصوى من جهة أخرى بتأييدهم ودعمهم. ليسوا بمبدئيين حقا أوأصحاب أياد مرتعشة ومواقف مهزوزة، هكذا يصنفون ولذلك يتحولون أيضا إلى سياسيى المحطة الواحدة والمرحلة الواحدة.

دليل لاختيارات ممارسى السياسة فى المحطات والمراحل الفارقة، وإسقاطه على مصر اليوم ليس بالعسير!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved