على عهدة الفريق مميش

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 7 أغسطس 2018 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

فى يوم 12 أغسطس ٢٠١٢ قرر الرئيس الأسبق محمد مرسى إعفاء المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع والفريق سامى عنان رئيس الأركان وغالبية قادة القوات المسلحة من مناصبهم. من بين هؤلاء كان الفريق مهاب مميش قائد القوات البحرية وقتها الذى تم تعيينه رئيسا لهيئة قناة السويس. مميش عرف بهذه القرارات عبر وسائل الإعلام. وبدلا من توجهه لمقر قيادة القوات البحرية، غير طريقه ليتجه إلى مقر الهيئة. أول خبر سمعه أن هناك سفينة شحطت وأن القناة تم إغلاقها. فكر مع نفسه طوال الطريق هل مجرد شحوط سفينة يعنى إغلاق القناة بأكملها، ووقف تدفق جانب كبير من التجارة العالمية؟

فى هذه اللحظة بدأ يفكر فى بدائل لمعالجة هذا الأمر وقال لنفسه أيضا: إذا كان أجدادنا حفروا القناة الأصلية بالفأس والجاروف، وقدموا تضحيات عظيمة، ألسنا قادرين على حلول خلاقة فى زمن التكنولوجيا؟

بدأت الدراسات والأفكار، وحينما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى منصبه رئيسا للجمهورية، ذهب إليه مميش بفكرة حفر القناة الجديدة، واستمتع الرئيس مطولا لكل التفاصيل. ثم غادر مميش الاجتماع من دون أن يسمع منه ردا، وفى اليوم التالى تلقى من الرئيس اتصالا: قال لى إننى لم أنم بسبب التفكير فى اقتراحك، وطلب منى أن أحضر الأوراق مرة أخرى. وسألنى هل أنت جاهز لبدء التنفيذ فقلت له نعم، على أساس أن الحفر سوف يستغرق ٣ سنوات. وقال لى: عندى مفاجأة لك؟! وكانت أنه أصر على سنة فقط خلال حفل الإعلان عن الحفر فى 6 اغسطس 2014، وهو ما كان يعنى أن نعيد كل الدراسات والحسابات على أساس سنة وليس ثلاث سنوات.

هذا ما كان فى الماضى القريب ويوم أمس الأول الإثنين، وعلى عهدة الفريق مميش فإن العائدات فى العام المالى ٢٠١٧ ــ ٢٠١٨ كانت الأعلى فى تاريخ القناة على الإطلاق بـ٥٫٦ مليار دولار وبزيادة ٦٠٠ مليون دولار، عن العام المالى السابق بنسبة ١٢٪. هذه العائدات بالجنيه المصرى تساوى ٩٩٫١ مليار جنيه مقابل ٧٣٫٢ مليار فى العام الذى سبقه بزيادة ٢٥٫٨ مليار جنيه وبنسبة تصل إلى ٣٥٪.

هذه الأرقام سمعتها من الفريق مميش مباشرة صباح يوم الإثنين الماضى فى قاعة الاجتماعات بمبنى المحاكاة بمدينة الإسماعيلية، خلال لقاء ضم غالبية رؤساء تحرير الصحف وكبار الكتاب بالصحف المصرية، احتفالا بالذكرى الثالثة لتدشين قناة السويس الجديدة. وبعد أن تحدث الفريق مميش مطولا عن أرقام وبيانات وآمال عريضة فى المستقبل، قمنا بجولة فى القناتين الجديدة والقديمة مرورا بقناة اتصال صغيرة بينهما هى واحدة من أربع قنوات اتصال.

بعد نهاية الجولة البحرية، تناولت طعام الغداء على طاولة الفريق مميش، وكان يجلس معنا الفريق أسامة ربيع نائب رئيس الهيئة وثلاثة من الزملاء رؤساء التحرير.

سألت الفريق مميش عن تكلفة حفر القناة الجديدة، فقال إنها لم تزد عن عشرين مليارا و٤٠٠ مليون جنيه من إجمالى ٦٤ مليارا جمعها المصريون فى ملحمة غير مسبوقة. وبإيرادات هذا العام المالى فقط فإنه تم استرداد تكاليف حفر القناة الجديد وبزيادة تصل إلى أكثر من أربعة مليارات جنيه.

قلت للفريق مميش إن بعض المصريين لا يعرف هذه الأرقام، ولديه انطباع بحكم الدعاية المضادة المكثفة بأن الأموال التى جمعها المصريون، تم إهدراها عبثا. الرجل أعاد مرة أخرى شرح دلالات الأرقام وقال إن الناس تنسى أننا حفرنا القناة حينما كان الدولار يساوى سبعة أو ثمانية جنيهات وهو الآن يساوى نحو ١٨ جنيها، ولو أننا تأخرنا لزادت التكلفة عن ٣٠٠٪ تقريبا. ناهيك عن أننا فى سباق محموم مع قنوات أخرى عالمية. وبالقناة الجديدة نحن وفرنا ١١ ساعة من زمن العبور، مما يساعد على نقل الغذاء والدواء والوقود بسرعة، وهو أمر يخدم الإنسانية جمعاء، لكنه يخدم مستقبل الاقتصاد المصرى وإقليم قناة السويس الذى سيوفر لمصر 100 مليار دولار حين اكتماله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved