عقدة «خالف تُعرف»

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: السبت 7 أكتوبر 2017 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة البيان الإماراتية مقالا للكاتب «محمد النغيمش» ذكر فيه، هناك أفراد بل حتى دول تخالف السائد، وأحيانا بحماقة، لا لشىء سوى للفت الأنظار. ربما هى عقدة النقص كما نظن لكن الأمر يبدو أكثر من ذلك. شغلتنى كثيرا قضية هؤلاء الذين يمارسون ذلك بآرائهم أو بتصرفاتهم، ليشار إليهم بالبنان.
فهذا السلوك تزايد فى الآونة الأخيرة، فلا يكاد يجتمع الناس على رأى لا يختلف عليه عاقلان حتى يأتى ذلك «المشاكس» فيطرح خلاف السائد، حتى إن البعض يعارض من أجل المعارضة أو قبل أن يفكر بماذا سيرد! والطامة الكبرى حينما تشق دول إجماع حلفها من دون أسباب وجيهة. لا تهتم مقالاتى عادة بسياسات الدول بقدر ما تهتم بالإنسان لسبب بسيط وهو أن الناس منشغلة بالمشكلات المحيطة بهم وتنسى الإنسان نفسه الذى قد يكون أصل المشكلة.
منها سألت أستاذ علم النفس فى جامعة الكويت عن سبب عقدة «خالف تُذكر» أو «خالف تُعرف» التى نعانى منها فى أعمالنا ومجالسنا وبيوتنا، وفى ميادين السياسة. وقد لفتنى د. سعود الغانم إلى أن «خالف تعرف» هو سلوك متجذر فى نوعين من أربعة أنواع معروفة من شخصيات الناس. الأول «العقلانى» الذى يبحث عن معلومة نادرة وغير شائعة للآخرين ويتهمه البعض بأنه يخالف من أجل المخالفة ولكنه سوف يثبت لهم العكس.
‏وهؤلاء يتبنون أحيانا آراء علمية أو دينية غير شائعة فيتشبثون بها على اعتبار أنها أمر موجود، وما يحدث على الساحة حاليا أبلغ دليل. أما النمط الثانى فهو «الحرفى»، وهذه الحالة تخالف باستمرار السائد فى المجتمع، فهى تحب أن تكون محط الأنظار ووسيلتها فى ذلك مخالفة أنماط التفكير الأخرى مثل «العقلانى» و«النظامى» و«المثالى».
وربما هذا سبب «الغرابة الواضحة فى ملبسه ومفرداته وتصرفاته».. كما يقول. ولذا كان الحل مع هذا النمط معرفة «ماذا يريد من حاجات لكى نشبعها»، ومن هذه الحاجات «الانتباه.. وإذا منح ذلك وفق المقبول اجتماعيا سينسجم معنا.. وسنحتويه»، خصوصا إذا بادلناه الأسلوب العقلانى نفسه.
حاولت أيضا معرفة رأى المستشار التربوى وأستاذ علم النفس د. إبراهيم الخليفى، فإذا هو يعتبر «خالف تعرف» حاجة بشرية، ما إن تشبع بمنح صاحبها اهتماما أو وظيفة يفرغ فيها طاقته حتى تحيا من جديد لتحدٍ آخر. ولذا فإنها حاجة لها جوع وتوق وإشباع حتى تستقر. ومن أمثلة ذلك أن يخبر الطفل والدته بنيله درجة عالية فى واجباته أو اختباراته وهذا ما يجعله يفرح بتلك النجمة التى تلصق فى دفتره أو الإشادة به أمام الآخرين. ولخص الدكتور الخليفى معاناة خالف تُعرف حينما قال إن «أكبر إهانة للشخص حينما يوضع بين أناس لا يدركون قدره، فكلما تحدث عما يحسن انهال عليه سيل من التندر والتسفيه والاستهانة به».
باختصار سيبقى «خالف تُعرف» يمارس هذه الحاجة سلبا أو إيجابا حتى يلتفت إليه أحد ممن حوله، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لا يكترثون به!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved