هؤلاء هم المجرمون فى حق القدس

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 7 ديسمبر 2017 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

المتهمون الحقيقيون فى كارثة قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، بجانب صاحب القرار دونالد ترامب كثيرون. وفى السطور التالية سوف أحاول رصدهم من وجهة نظرى بطبيعة الحال.

المتهم الأول هم غالبية الحكام العرب، ليس الحاليون فحسب، بل عدد كبير من الحكام السابقين، منذ احتلال كل فلسطين بما فيها القدس فى 5 يونيو 1967.

هؤلاء الحكام انشغلوا بقضية جوهرية هى الحفاظ على كراسيهم، بكل الوسائل. بعضهم استغل القضية الفلسطينية والقدس ليس حبا فى المدينة المقدسة، بل للمتاجرة بها ورفع شعار: «كل شىء مهم مثل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مؤجل حتى يتم تحرير فلسطين من النهر إلى البحر»!!، وبالتالى فإن استمرار الاحتلال كان يعنى من جانب آخر، استمرار هؤلاء الحكام.

وفى القلب من هؤلاء الحكام لا نستبعد غالبية القادة الفلسطينيين سواء كانوا فى السلطة أو المعارضة خصوصا حماس. السلطة راهنت طويلا على الحل السلمى ولم تحقق شيئا، ولم تغير استراتيجيتها وساعدت العدو فى ايهام العالم بأن هناك سلطة حقيقية. وحماس انقلبت على السلطة الفلسطينية حتى تقود المقاومة، وتحرر فلسطين من النهر إلى البحر وكثيرون رحبوا بذلك، لكن ما حدث عمليا على أرض الواقع هو أنها تحولت إلى «سلطة فى غزة» وقمعت من كان يريد أن يقاوم، كما كانت هى تفعل قبل 2006.

ارتباطا بالحكام والمعارضة، فإن جماعة الإخوان، لعبت دورا لا يقل سوءا عن الحكام، فهى رفعت شعارات عظيمة لا تقل بريقا عن شعارات اليسار. لكن عندما وصلت إلى السلطة فى بعض البلدان العربية أو شاركت فيها. فإنها لم تنفذ أى شىء.. لم تقطع العلاقات مع إسرائيل، لم تقاطع أمريكا أو تضغط عليها، بل قامت «الجماعة المصرية» بالتوسط بين إسرائيل وحماس عبر أمريكا، لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة فى نوفمبر 2012، وكان الثمن أن أمريكا غضت البصر عن الإجراءات والقرارات التى انقلب فيها الإخوان على الدستور. لكن من هو أكثر سوءا من حماس والإخوان هم تنظيم داعش وكل من يشبهه، هؤلاء أسدوا خدمة العمر لإسرائيل، سواء بقصد أو من دونه. دخلوا فى حروب أهلية فى مجتمعاتهم، وفجروا وقتلوا ودمروا بلدانهم من أجل نموذج تخيلى لم يستطع أحد تطبيقه طوال أكثر من 1400 سنة. 

بعض هؤلاء يصف نفسه بأنه تنظيم «أنصار بيت المقدس». وبدلا من توجيه رصاصاته للعدو الذى يحتل بيت المقدس، فإنه استدار فى الاتجاه الخطأ وأطلق رصاصاته على الجيش والشرطة والمدنيين فى سيناء، بل وقتل المصلين المسالمين فى بيوت الله.
يقول البعض أنه ما كان يمكن ظهور داعش، لولا الحكام الفاسدون والمستبدون، وربما يكون فى ذلك بعضا من الصحة، وبالتالى فالخلاف حول درجة المسئولية بين الطرفين وليس نفيها.

إيران تتحمل قسطا كبيرا من المسئولية أيضا. هى تصف أمريكا بالشيطان الأكبر وتصف إسرائيل بالشيطان الأصغر، لكن وبدلا من شن الحرب على أيهما، فقد انشغلت بالسيطرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن، مستغلة اللافتة الشيعية زورا وبهتانا.

هى تحالفت عمليا مع الولايات المتحدة فى العراق وربما تواطأت معها هناك، بل هناك تقديرات تقول أنها استفادت بصورة كبيرة من وجود داعش، فلولا هذا التنظيم وأمثاله، ما تمكنت طهران من التسلل إلى السيطرة على أربع دول عربية كبرى.
المتهم الأخير، هم بعض الجماهير العربية التى سلمت عقولها لقيادات طائفية مذهبية، وصار العداء بين السنى والشيعى أكبر كثيرا من عدائه للعدو الصهيونى الذى يحتل القدس. هذه النوعية، وبدلا من أن تقوم بفضح متاجرة الجماعات والتنظيمات والدول والحكام بالمذهب أو الطائفة، انساقت وراء هذا الوهم وكانت النتيجة المزيد من الوقود فى المحرقة الطائفية أو المذهبية.

إذا وللأسف فكلنا مجرمون فى حق القدس قبل ترامب ونتنياهو!. وفى هذه اللحظة تلح على ذهنى كثيرا قصيدة الشاعر العراقى الكبير مظفر النواب «القدس عروس عروبتكم»!!!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved