فرجة

كمال رمزي
كمال رمزي

آخر تحديث: الجمعة 8 يناير 2016 - 10:45 م بتوقيت القاهرة

توقعت، منذ سنوات طويلة، أن تصدر مطبوعة ما عن السينما.. كنت ألمحه، فى نهاية الثمانينيات نحيلا نشيطا متزاحما بحماسة الشباب كى ينفذ من باب دار العرض كى يشاهد أفلام مهرجان القاهرة فى حفلات الصباح الباكر، المجانية، المخصصة للصحفيين.. بدا لى، أيامها، أنه سيتخصص فى النقد السينمائى الذى قطع فيه، لاحقا، شوطا لا بأس به، وعلى الرغم من أن الواقع بمشاكله والسياسة بتضاريسها ومعاركه الفكرية أبعدته عن عالم الأطياف، فى عشق الخيالة ظل معتملا فى قلبه وعقله ليظهر أخيرا فى المجلة التى أصدرها حديثا مع مطلع العام الجديد بعنوان «فرجة».
«فرجة»، لم تأت لمجرد إرضاء مزاج عيسى، لكن جاءت تلبية لاحتياج موضوعى، فالملاحظ أن ثمة نهوضا فى السينما المصرية، كما وكيفا، فضلا عن عشرات الأفلام الأجنبية الحديثة التى باتت تعرض بانتظام سواء فى دور العرض أو المهرجانات السينمائية المقامة فى عدة محافظات.. يتواكب مع هذا الحراك ظهور جيل جديد دءوب من النقاد يتابع بيقظة ما تنتجه استوديوهات العالم ومصر والبلدان العربية.
بذكاء راهن رئيس التحرير إبراهيم عيسى على شباب النقاد بعضهم أقرأ له لأول مرة لكن المشكلة تكمن فى تكرار الأسماء عدة مرات، فمثلا، كتبت منة الله حسين، أربعة موضوعات دفعة واحدة.. منة الله، صاحبة ذائقة مرهفة، تتجلى حين تتعرض لعنصر الممثل وتتلمس أساليب الأداء، المنطقة التى لا تزال مبهمة فى نقدنا الذى لايزال يدور فى فلك أجاد، تعثر، تفوق على نفسه، تألق، فشل.. ربما تتمكن الكاتبة من ملء هذا الفراغ. تقول عن محمود حميدة الذى اختارته ضمن الخمسة الأفضل فى «٢٠١٥»، «ذلك الرقيق الرشيق الذى وضع جانبا رصانته وهدوءه وثقله المعتاد وامتطى جياد الدهشة ليوجد حالة من البهجة التى لى أن استمتع بإطلالاته الخاطفة».. وعن سلوى خطاب، تذكر أنها «من قلائل الفنانات المصريات التى تقبل أن تخوض تجربة الصمت لمدة «٧٥» دقيقة، هى مدة عرض ـ باب الوداع ـ الذي جاء بلا حوار تقريبا، ولكننا على الرغم من ذلك وصلت إلينا كل خلجة من إحساسها وكل التفاتة دون أن تنطق».
من الأسماء الجديدة، الواعدة، ثمة أندرو محسن ومقالته الفريدة التى يقرأ فيها بتأنٍ ديكورات وألوان فيلمى «أهواك» و«أولاد رزق».
الصحفى، المحاور، أنس هلال، يجرى حوارين شائقين فى العمق مع المخرج الكبير المخضرم على عبدالخالق والفنان الممثل صاحب الأسلوب الخاص أحمد كمال.. واضح أن أنس هلال، استوعب تجربة الفنانين، وبالتالى، أتاح لهما فرصة التعبير عن خلاصة خبرتهما.. يحكى، على عبدالخالق، عن شغف محمود عبدالعزيز بأداء دوره فى «العار» وهو الدور الذى رفضه يحيى الفخرانى من قبل، ويخرج بنتيجة تقول «هذا علمنى درسا قويا بعد ذلك، أننى إذا لم أجد الممثل متحمسا بنفسه للفيلم، على الفور أبدأ فى طرح البدائل، لأن الممثل سيخرج ضعف طاقته إذا كان يشارك فى دور يؤمن أنه يناسبه».
أما حوار أحمد كمال، فإنه جاء شاملا، متسع الأفق، ينفذ إلى العديد من الظواهر الفنية، يتلمسها، ويبدى آراءه الصائبة فيها.. على سبيل المثال يثمن موهبة محمد رمضان ويقدر قدراته لكنه ينبه إلى أن رمضان يحتاج إلى أن يقدم نفسه فى دور بلا عنف، دور به الكثير من الأبعاد والصراعات النفسية، أو رجل طيب، أو شخص جبان.
إلى جانب تلك الإطلالة على السينما الأجنبية فى مقالين أحدهما كتبه صاحب المعلومات الغزيرة، إيهاب ترك بعنوان «السينما تحذر: العدو الحقيقى هو التكنولوجيا»، والثانى ترجمة لمقالة عن «حرب ستيفن سبيلبرج الباردة»، ثمة ثلاثة مقالات تتضمن قدرا كبيرا من الحنين للأيام الخوالى: رءوف توفق، يتذكر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved