دراما تفكيك الأسرة

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الجمعة 8 يونيو 2018 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

رويدا رويدا تسحب السينما التليفزيون إلى عالم لا براءة فيه؛ حيث الخيال يشرع أبوابه على عوالم الإثارة، والعنف سيد كل الموائد.
منذ أن وجد التليفزيون، والهدف منه بجانب الشق الإعلامى الإخبارى، هو تقديم الترفيه لكل أفراد الأسرة؛ بل عرف عنه بأنه «يلم شمل العائلة» كلها حوله. هذا ما «كان» عليه قبل أن تفرض الشاشة الكبيرة على شقيقتها الصغيرة الانسياق خلفها فى رفع نسب الأدرينالين لدى المشاهدين، واللعب على وتر «العنف»، وتغيير مفهوم ومعايير البطولة؛ لتتأثر الدراما بالسينما، ويصبح «الأكشن» هو التوجه الجديد، والذى يفرض شروطا كثيرة على المشاهدة، بينما ما زالت الرقابة تقف عند أبواب الشتائم و«العيب» والمشاهد الإباحية والسياسية فقط.
التليفزيون يقلد السينما؛ فكك شمل الأسرة، وصارت المشاهدة محرمة على الأطفال فى كثير من الأعمال، وبعضها يرفع شعار «16+»، فماذا يشاهد الأطفال والشباب فى رمضان وقت التئام شمل الأسرة؟ والسؤال الأهم: هل المشاهدة الإلكترونية؛ حيث الكل يتنافس على سرعة بث كل حلقة فور انتهاء عرضها على الشاشة، تستطيع أن تحدد الأعمار، وتمنع دخول الصغار لمشاهدة تلك الحلقات؟
ما الجدوى من الرقابة إن كانت بعض قصص المسلسلات تبنى على هدف واحد، وهو تحويل «الأكشن» إلى جرائم وقتل وعنف وسفك الدماء بكل الوسائل؟ صحيح أن الجريمة كانت موجودة فى الدراما التليفزيونية؛ لكنها لم تكن يوما بهذه الفجاجة، ولم نر سابقا تلك التفاصيل، التى يتم تصويرها بدقة شديدة فى الدراما الحديثة، سواء فى كيفية تنفيذ الجرائم، أو فى السرقات والتزوير وتعاطى المخدرات.
لمصلحة من تسفك كل تلك الدماء، وينتشر القتل والاقتتال على الشاشة بجرعات عالية ومكثفة خصوصا فى رمضان؟ هل الهدف توجيه المشاهدين وتحذيرهم من مساوئ العنف؟ غير صحيح، وليست كل تلك الأعمال مصنوعة لمحاربة الفكر الإرهابى؛ بل بعضها يروج له بشكل غير مباشر.
النجوم سعداء بما يقدمونه، وبعرض عضلاتهم على الشاشة، وبتقليد الجمهور لهم. تيم حسن مثلا سعيد بتقليد الشباب والأطفال لجبل شيخ الجبل فى «الهيبة ــ العودة»، ويعرض فيديوهاتهم على صفحته وهذا حقه. إنما استوقفنا فيديو لطفل يضع ما يشبه السيجارة فى فمه، ويحمل بيده رشاشا بلاستيكيا، ويتحدث ويطلق النار تماما كما يفعل جبل.. مشهد يعتبر نموذجا واضحا للتأثير السلبى لتلك الأنواع من الدراما، وللأسف يغيب عن بال تيم كما غاب عن بال صناع المسلسل أنهم يروجون للعنف، ويدفعون الأطفال والشباب إلى تقليد الشخصية بسلبياتها فى الواقع.
لا نستغرب أن يعتبر هؤلاء المعجبون بجبل أن «تأديب» المرأة بضربها وتعنيفها واجب وحق، فيمارسونه فى حياتهم. وضرب النساء يتكرر كثيرا هذا الموسم، ونراه مثلا فى مسلسل «أيوب»، رغم أن قصته اجتماعية جيدة الصنع.
متى يكون ضمير صناع الدراما هو رقيبهم قبل أن تفرض عليهم الرقابة ما يفعلون ولا يفعلون؟ متى تمنعهم ضمائرهم من المتاجرة بالمرأة وبالسلاح والدماء والقتل والعنف وتسويقها لنا مغلفة بقصص تراجيدية أو رومانسية؟ الأجيال تنمو على إيقاع «الإرهاب التليفزيونى».

مارلين سلوم
الخليج ــ الإمارات

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved