الأضاحى... هل تحتاج لفتوى جريئة؟

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 8 أغسطس 2017 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الرأى الكويتية مقالا للكاتب محمد صالح السبتى ذكر فيه، أن حكم الأضحية عند معظم العلماء، سنة مؤكدة وليست هى بالواجبة أو الفرض. نقول هذا الكلام حتى لا نفهم خطأ!! نعم... نحن نحتاج لفتوى جريئة وجريئة جدا فى مسألة الأضاحى التى يذبحها المسلمون سنويا فى كل بقاع العالم وقد لا يستفيد منها الفقراء والجوعى إلا بالنزر اليسير القليل، خصوصا إذا قررنا أن السنة النبوية فى توزيع لحم الأضاحى ــ كما يقرر العلماء ــ أن يأكل صاحب الأضحية منها مقدار الثلث، وثلث يوزعه على أقاربه وجيرانه وثلث للفقراء!.
دعنا نصدم أنفسنا ببعض الأرقام ثم نكمل اقتراحنا بالفتوى الجريئة التى نحتاجها. لو فرضنا أن 20 فى المائة‏ فقط من المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار، هم الذين يضحون، فهذا يعنى أن 320 مليون شخص مسلم يضحى. ولو فرضنا أن متوسط سعر الأضحية فى العالم هو 150 دولارا، فهذا يعنى أن المسلمين ينفقون سنويا 48 مليار دولار على الأضاحى، أى 480 مليارا خلال 10 سنوات! فى دولة مثل مصر يبلغ عدد سكانها قرابة 90 مليونا ولو فرضنا أن 5 فى المائة‏ فقط هم الذين يضحون وأن متوسط سعر الأضحية هناك 250 دولارا، فهذا يعنى أن قرابة 1.125 مليار دولار هى تكلفة الأضاحى فى دولة مثل مصر، يعنى قرابة 12.5 مليار دولار خلال 10 سنوات! فى دولة مثل الكويت لو فرضنا أن 48 ألف أضحية يتم ذبحها عن 240 ألف أسرة كويتية بمتوسط سعر 95 دينارا، فهذا يعنى 4.560 مليون دينار هو قيمة ما يذبح من الأضاحى فى الكويت.
كلنا يعلم يقينا أن الفقراء والمحتاجين قد لا يستفيدون من هذه الأضاحى الاستفادة الكاملة، وإذا ما فكرت فى هذه الأرقام المهولة والسنوات الطوال التى أهدرت فيها هذه الأموال، يستقر فى يقينك أن الأمة الإسلامية يمكنها بمثل هذه الأموال لو تمت الاستفادة منها حقيقة أن تقضى على منابع الفقر والعوز بالضرورة.
فى ظل عالم يعج بالمتناقضات بين مجتمعات تعانى من أمراض التخمة وترمى فى النفايات أكثر مما تأكل من طعامها، وبين مجتمعات تموت الناس فيها جوعا وعطشا. أظن أن على المؤسسات الدينية اليوم ومجامع العلماء أن يجددوا فى الفتوى لتتم الاستفادة من هذه الأموال بما قصد الشرع، فليس هدر هذه الأموال بهذه الطريقة بمقبول فى ظل ظروف العالم الفقير.
تخيل لو صدرت فتوى بضرورة تجميع أموال الأضاحى تحت مظلة إسلامية واحدة من هذه الهيئات الخيرية، وأنشأت بهذه الأموال المشاريع الكفيلة بعلاج أسباب الفقر والعوز. لو كان هذا بحسن إدارة، لكان الواجب ألا يظل فقير فى عالمنا الإسلامى وفق تلك الأرقام! أما وأن الحال يحكى أن هذا لم يكن، فهذا يعنى بالضرورة فشل الأمة فى إدارة موارد الخير التى تحت يدها إضافة إلى حاجتها للتجديد فى الفتوى.

الرأى ــ الكويت

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved