محلب.. وشجاعة تصحيح الاخطاء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 8 سبتمبر 2015 - 7:20 ص بتوقيت القاهرة

مثلما انتقدنا كثيرا العديد من السياسات الحكومية فى هذا المكان، وجب علينا ان نحيى اليوم المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء على قراره بتجميد تفويض وزير التعليم العالى الدكتور السيد عبدالخالق من قبل المجلس الاعلى للجامعات، باستثناء بعض الفئات أو «أبناء الكبار» من قواعد التحويل الجغرافى بين الجامعات، وان نحيى كل من اعترف بخطئه أو سوء تقديره حينما وافق على التفويض، مثلما فعل رئيس جامعة كفر الشيخ الدكتور ماجد عبدالتواب القمرى.

قرار محلب يعنى ان الحكومة لديها شجاعة المراجعة وتصحيح الاخطاء وعدم العناد أو التكبر، وهو امر افتقدناه مع حكومات حسنى مبارك والإخوان سواء بسواء، الامر الذى فاقم من غياب الثقة بين هذه الحكومات والشعب.

وإذا كان وزير التعليم العالى قد جانبه الصواب أو أساء التقدير، فى قضية طلب التفويض باستثناء بعض الفئات أو «أبناء الكبار» من قواعد التحويل الجغرافى بين الجامعات، فما هو السبب أو الدافع الذى يجبر ٢٢ رئيس جامعة على الموافقة على هذا التفويض؟.

لم أصدق ان ٢٢ رئيس جامعة فى مصر من بين ٢٣ رئيس جامعة قبلوا هذا الإجراء غير القانونى، وغير السياسى، حتى تأكدت فعلا حينما تحدث الوزير مع الزميلين رامى رضوان فى قناة تن، ثم وائل الإبراشى فى قناة دريم.

الوزير قالها من باب ان هناك ما يشبه الاجماع على طلب التفويض، لكنه لم يكن يدرك انه يضع زملاءه رؤساء الجامعات فى موقف لا يحسدون عليه فعلا، وأظن أنهم سوف يندمون عليه كثيرا.

الطبيعى والمنطقى والبديهى ان وزير التعليم العالى لا يملك ان ينفع أو يضر رئيس جامعة، فالأخير منتخب وصلاحياته كاملة، وربما الوحيد الذى يملك اقالته فقط هو رئيس الجمهورية بعد التعديلات الأخيرة فى القانون قبل نحو عام.

رئيس الجامعة، يفترض أنه لا ينتظر تمويلا أو تأثيرا من الوزير، بل ان ما حدث هو ان الحكومة اضطرت إلى أخذ فلوس صناديق الجامعات الخاصة قبل نحو عامين.

إذا كان الوزير لا يملك ان يضر أو ينفع رئيس الجامعة، فما الذى يجعل الأخير يقبل بأن يخالف القانون، بل ويخالف ضميره المهنى؟

سألت هذا السؤال لأكثر من شخص على صلة وثيقة بالحياة الجامعية الراهنة، فقالوا ما خلاصته، ان غالبية رؤساء الجامعات، ربما اعتقدوا ان طلب التفويض الذى طرحه الوزير هو رغبة الحكومة أو الرئيس أو الأجهزة وان هناك فعلا اعتبارات قومية تتعلق أساسا بمحاربة الإرهاب، وبالتالى فإنهم وافقوا على هذا الأساس، أو حتى لعدم الرغبة فى الدخول فى صدام مع الحكومة والأجهزة الأمنية فى وقت لا يحتمل البلد هذا الصدام. لكن أحد الخبراء الجامعيين قال لى إن المأساة هى ان هؤلاء ــ رؤساء الجامعات ــ المفترض أنهم سوف يطورون التعليم، ويخرجون لنا أجيالا جديدة تقود الوطن فى المستقبل، وإذا كانوا لا يستطيعون ان يواجهوا وزيرا ليس فى يده أى سلطة عليهم، فماذا سيفعلون مع أى شخص يملك سلطة فعلية؟!. وكيف سيتمكنون من بناء شخصيات الطلاب الحرة والشجاعة؟!!.

أعرف عددا من رؤساء الجامعات فى غاية الاحترام والمصداقية والوطنية وبعضهم يحارب تراثا من الفساد والجهل والاهمال والكسل والبلادة، ولم أتشرف بمعرفة بقية رؤساء الجامعات، لكن ما حدث من تفويض للوزير بصورة غير قانونية أو حتى سياسية يجعل المرء يضع يده فوق قلبه ويسأل: إذا كان ذلك هو الحال داخل الجامعات المستقلة، فكيف سيكون فى بقية الجهاز الإدارى المترهل الخاضع للحكومة؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved