ليونيل ميسى الملك المتوج فى قصر المؤتمرات

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 9 يناير 2013 - 9:48 ص بتوقيت القاهرة

فى لحظة تتويجه ملكا على لاعبى كرة القدم فى العالم للمرة الرابعة على التوالى، لم ينس ليونيل ميسى زميله أندريس إنييستا الذى كان يجلس متابعا بلهفة نتيجة السباق على اللقب. ولم ينس زملاءه فى برشلونة. تحدث عنهم. كما تحدث عن إنييستا. وقال الملك وابتسامة الخجل والتواضع مرسومة على وجهه: «أنا أشعر بالتوتر ولا أصدق أننى فزت بالجائزة للمرة الرابعة».

 

بجوار إنييستا فى قاعة كونجرس الفيفا (قصر المؤتمرات) التى استضافت الحفل فى زيوريخ كان يجلس المنافس الأكبر والأشهر والأكثر صخبا. كريستيانو رونالدو. كان ينتظر إعلان نتيجة السباق بتحد يقترب من الغضب المكتوم. وعندما وقف ميسى على المسرح أخذت الكاميرات تنتقل بين الوجهين. وجه الملك الفائز وغريمه الجالس. كان مخرج الحفل يدرك أن ملايين يرغبون فى التعرف على انفعالات كريستيانو. وقد رسم ابتسامة، فيها مزيج من الاستعلاء، والادعاء.. وبدا أنها ليست حقيقية.

 

 فى نفس اليوم الذى توج فيه ميسى باللقب كانت الصحافة الرياضية البريطانية تعبر عن غضبها الشديد للهدف الذى سجله لويس سواريز لاعب ليفربول بيده فى مرمى فريق مانسفيلد بمسابقة كأس الاتحاد. وكتب الصحفى جيمس لاوتن مقالا بعنوان: «ميسى يرسم الابتسامة على وجوهنا، بينما يظهر سواريز الوجه القبيح لكرة القدم».

 

 وأضاف جيمس لاوتن: كان ميسى فى لحظة تتويجه يتحدث عن إنييستا واصفا إياه بأنه قلب الانتصارات التى حققتها إسبانيا فى ثلاث بطولات عالمية متتالية. كان هو القوة المبدعة مع المنتخب، بينما وصفت إدارة فريق مانسفيلد لاعب ليفربول بأنه لص سرق هدفا فى الليل.

 

 فوز ميسى بجائزة الكرة الذهبية التى بدأها الفيفا عام 1991 مشاركا لمجلة فرانس فوتبول العريقة، يدخله تاريخ تلك الجائزة من أوسع الأبواب، فهو أول لاعب يحرز اللقب أربع مرات على التوالى، وتفوق بذلك على الهولنديين يوهان كرويف (1971 و1973 و1974) وماركو فان باستن (1988 و1989 و1992) ورئيس الاتحاد الأوروبى الحالى الفرنسى ميشيل بلاتينى (1983 و1984 و1985)، وهو أضاف إلى أرقامه القياسية التى حققها فى عام 2012 هذا الرقم.. وكان ميسى حطم العديد من الأرقام منها: رفع رصيده مع برشلونة إلى 289 هدفا، وأول لاعب ينهى موسما فى الدورى الإسبانى وفى رصيده 50 هدفا، إضافة إلى تتويجه هدافا لدورى أبطال أوروبا برصيد 14 هدفا ونجح فى تحطيم الرقم القياسى المسجل باسم الألمانى مولر من حيث عدد الأهداف المسجلة فى عام واحد بعد ان رفع رصيده إلى 86 هدفا ثم إلى 91 مع نهاية العام.. وهو رقم صمد 40 عاما وكان مولر سجل 85 هدفا عام 1972 مع بايرن ميونيخ.

 

 لكن هل الأرقام القياسية والانتصارات هى فقط ما منح ميسى هذا التقدير العالمى الذى تمثل فى الجوائز وعشق الجماهير وقوف عتاولة اللعبة فى قاعة قصر المؤتمرات لحظة تتويجه واحتفاء به؟

 

 إبداع ميسى ومهاراته وأهدافه الجميلة قبل أهدافه الكثيرة وراء هذا التقدير. فهو لاعب موهوب، سريع ورشيق. يمارس كرة القدم بمتعة فيمتع.. دائما تجده يرسم ابتسامة بريئة على وجهه. لكنه كالشيطان فى مملكة خصومه.. وهو أيضا الملك الغنى والشهير ومع ذلك شديد التواضع، إنه من الذين ينجحون ويدوى نجاحهم ويقابلون هذا النجاح بانحناء الرأس وليس رفعها.. وهو الذى قال يوما: «عندما كنت فى الثامنة عشرة من عمرى لم احلم قط بأن اكون الافضل. لا احلم بذلك حتى الآن. الامر الوحيد الذى يهمنى هو ان ألعب بالكرة والاستمتاع بها».

 

 إبداع ميسى صنعها برشلونة. صنعها أسلوب لعب الفريق الذى يقوم على الأداء الجماعى. وبرشلونة صنعه جيل تخرج فى مدرسته.. والواقع أن أداء برشلونة هو امتداد لأسلوب منتخب إسبانيا، ولفريق ريال مدريد العظيم فى الستينيات. والجيل الذى حالفه الحظ وشاهد دى ستيفانو وبوشكاش، وخنتو، وسانتا ماريا، وغيرهم من النجوم، يعلم أن أسلوب «تمرير الكرة وتبادلها، للتفوق على اللاعب المنافس من أهم أسرار الكرة الإسبانية».. إلا أن برشلونة بجيله الحالى طور من الأسلوب، والسر فى أداء برشلونة الحالى، هو أكاديمية الناشئين التى تعرف باسم «لاماسيا» التى كانت تحتل أحد المبانى الريفية التاريخية وتم بناؤه عام 1702.. وكان هذا المبنى موقعا اجتماعيا لأعضاء برشلونة، وأغلق عام 1957 ثم افتتح مرة أخرى فى 26 سبتمبر 1966، ثم نقلت المدرسة إلى مبنى جديد وتضم الأكاديمية 300 لاعب صغير.. وأول ما يتعلمه اللاعب الصغير فى تلك الأكاديمية هو «التفكير.. ثم ارفع راسك وانت تلعب وانظر جيدا للملعب قبل أن تتسلم الكرة.. فهكذا سوف تقرر ماذا تفعل بالكرة قبل أن تتسلمها.. وعليك دائما أن تتحرك، لا تتوقف أبدا».

 

 ميسى من مواليد تلك المدرسة، وكان التحق بها وعمره 12 سنة، ولم يكن جسده النحيل ونموه المتوقف عقبة أمام موهبة تسكنه، وتنتظر لحظة خروجها من مصباح علاء الدين مثل جنى شقى يمتع الناس بشقاوته.. ويبقى أمام ميسى الفوز بكأس العالم مع منتخب بلاده الأرجنتين، حتى يتوج على رأس قائمة عظماء كرة القدم فى التاريخ بدءا من البرازيلى أرثر فردرنخ وخليفته بيليه وزملاء العصر دى ستيفانو وبوشكاش وبوبى مور وانتهاء بإنييستا وكريستيانو رونالدو وغيرهما من نجوم العصر.

 

يبقى فى قصة ميسى سؤال طريف طرحته الصحف الإنجليزية وهو: لماذا لم يحب الإسبان مدرب ريال مدريد مورينيو ولاعب فريقه كريستيانو رونالدو؟

 

 هذا مايستحق البحث والإجابة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved