المستقبل المجهول
محمود قاسم
آخر تحديث:
السبت 9 مارس 2019 - 12:40 ص
بتوقيت القاهرة
كان أحمد سالم، مصريا بالغ الجدية، متعدد المواهب، فهو أول من ركب طائرة قادما من الولايات المتحدة يقود طائر بلا توقف، وفى الإذاعة كان أول من ردد: «هنا القاهرة» بصوته المميز، وفى السينما كان المشرف على بناء استوديو مصر وقبل أن يكون مديرا له يتولى إنتاج أفلام مهمة قامت ببطولتها أم كلثوم، وأيضا فيلم «لاشين» وفى النصف الثانى من الأربعينيات، قام بتكثيف عمله كممثل ومنتج، ومخرج، وكاتب سيناريو وقد كانت حياته دوما مليئة بالجدل، فهو الذى اكتشف الفنانة كاميليا، وحول حياته معها قدمت السينما فيلم «خافية على جسر الذهب»، وهو أحد الذين ارتبطوا عاطفيا بالمطربة أسمهان، وقيل إنه تشاجر مع شخص لهذا السبب أطلق عليه رصاصة ظلت كامنة فى صدرة لسنوات إلى أن كانت سببا فى وفاته، كما أن أحمد سالم الذى قيل إنه عاش قصة حب ملتهبة مع كاميليا، ارتبط فى أواخر حياته بالممثلة مديحة يسرى التى أكدت لى أنها كانت زوجته، قبل أن تتزوج من محمد فوزى، وكان نجاح فيلمه «الماضى المجهول» من إخراجه عام 1946 بمثابة علامة مميزة فى مسيرته السينمائية، ويبدو أن نجاح الفيلم جعله فى حالة حذر، أو لنقل تيمن، فقام بإنتاج وتمثيل أفلامه التالية على نفس الغرار، فالبطل اسمه أحمد علوى فى هذه الأفلام، وهو إنسان ينتمى إلى الطبقة الراقية التى جاء منها أحمد سالم نفسه، أقرب إلى الدون جوان، تعشقه النساء، ويعمل فى وظائف قيادية، وعلى رأسها البحث العلمى والطب، هذا البطل مصاب بفقدان الذاكرة ما يدفع الجمهور للتعاطف معه، وإذا كان أحمد علوى فقد ذاكرته فى «الماضى المجهول»، فان الفتاة نادية فى فيلم «المستقبل المجهول» 1948، هى التى فقدت الداكرة، وقد جسدت دورها هنا مديحة يسرى التى قيل إنها كانت زوجته فى الفترة نفسها، وقد استعان هنا أيضا بالمطربة نور الهدى التى عملت معه فى أكثر من فيلم منها «المنتقم» و«حياة حائرة»، وباعتبار أن أحمد علوى هنا واقع بين مريضته التى تزوجها وهو حريص على علاجها بعد أن فقدت أهلها فى الحرب رغم وساوسها، فإن الممرضة سميرة التى تحبه صارت هى الوجه الملائكى الذى تفوز صاحبته بالطبيب بعد أن تملك الشر من زوجته التى أنجبت له ولدا، كما أن أحمد سالم كن يميل إلى الاستعانة بممثلين على رأسهم بشارة واكيم، والنوبى محمد كامل.
من الماضى المجهول إلى المستقبل المجهول دون أن نعرف ماذا يعنى الفيلم واسمه سوى أن هناك إشارة فى بداية أحداث الفيلم تشير إلى عام 1941، باعتبار الفيلم تدور أحداثه فى الإسكندرية، وكانت نادية ضحية للغارات، وفقدت الذاكرة، وانتابتها الرغبة فى الانتقام من زوجها حين أحست أن مشاعر زوجها تحولت إلى قلب الممرضة، كما جاء على لسان أحمد علوى فى السيناريو والحوار الذى شارك فيهما الروائى يوسف جوهر، ومن المؤكد أن أحمد سالم استحسن هذا النوع من العناوين وهو يقدم فى تلك الفترة أيضا فيلما باسم «رجل المستقبل» وكان يضم أيضا مديحة يسرى، وبشارة واكيم وسعيد أبو بكر.