أين حق الشعب المصرى فى ثروات بلاده؟

منى مينا
منى مينا

آخر تحديث: السبت 9 يونيو 2012 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

حاليا.. والنخبة كلها مشغولة بمناقشات مهمة حول سبل إنقاذ الثورة وتشكيل القيادة السياسية للبلاد فى المرحلة القادمة، يحدث وفى نفس الوقت شىء خطير، هو مناقشة مجلس الشعب للموازنة للعام المالى القادم 2012 ــ 2013.. الموازنة هى تقسيم ثروات البلد (عائد البترول وقناة لسويس والضرائب..إلخ)، تقسم هذه الثروات على مجالات الإنفاق المختلفة، لذلك فالموازنة تعكس سياسة الحكومة وتوجهها، هل تنحاز لمطلب الثورة الخاص بالعدالة الإجتماعية؟ هل تنحاز لخطة تنمية تحاول الخروج بالبلد من مستنقع الفقر والجهل والمرض؟ أم ما زال الانحياز واضحا للداخلية ولدعم كبار رجال الأعمال، مع رفض فرض الضرائب التصاعدية على رجال الأعمال والدخول العالية، وتجاهل حق الشعب المصرى فى تطبيق الحد الأدنى للأجور وتمويل النهوض بالصحة والتعليم؟

 

لذلك فيجب على ثوار التحرير، الذين يسعون لتشكيل قيادة سياسية للفترة القادمة، ويطالبون هذه القيادة بالالتزام بمطالب الثورة مثل عزل الفلول، وتطهير القضاء، وغيره من المطالب الملحة، نطالب ثوارنا أن يضعوا على رأس هذه المطالب تعديل الموازنة التى وضعتها الحكومة، وهى حتى الآن نسخة جديدة من ميزانيات يوسف بطرس غالى، تناقش الموازنة حاليا فى مجلس الشعب (الذى من حقه أن يرفضها أو يعدلها)، ونطالبهم بإلزام القيادة السياسية التى يعطوها ثقتهم بالدفاع عن موازنة تنحاز للعدالة الاجتماعية، تنحاز لتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، وتنحاز لحق الشعب المصرى فى الصحة والتعليم، نحن نطالب كل من يطرح نفسه كقيادة من قيادات الثورة بالدفاع عن 15% للصحة و25 % للتعليم من الموازنة التى توضع حاليا، حيث إن هذه النسب الحد الأدنى الذى تطبقه كل الدول التى تحترم حق شعوبها فى الصحة والتعليم، كما أن مصر موقعة على اتفاقية دولية تقرر أن نصيب الصحة يجب ألا يقل عن 15% من الميزانية العامة للدولة.

 

إن التركيز على مناقشة إعادة توزيع موازنة العام المالى القادم، والتى تناقش حاليا بمجلس الشعب، هى نقطة مهمة جدا لسببين، أولهما أنه من الممكن عن طريقها ببساطة تنفيذ قوانين وقرارات سابقة لم تفعل، مثلا قرار الحد الأدنى للأجور الذى أقر بقرار وزارى لحكومة د. عصام شرف وحدد الحد الأدنى للأجر بـ«700جنيه»، وهو قرار ما زال غير مفعل لهذه اللحظة، يمكن مع مناقشة الموازنة، أن تحسب وتوفر مبالغ مالية ترصد فى باب الأجور لتمويله، أو بالأدق لتمويل هيكل أجور يبدأ من 700جنيه للدرجة السادسة، ويتدرج حتى يصل فى الوظائف الإدارية العليا إلى 35 ضعف الحد الأدنى أى 24.5 ألف جنيه، كل هذا القرارات والقوانين ما زالت حبرا على ورق، ومجلس الشعب يقول إنه لا يملك القوة التنفيذية لتنفيذه، ولكن الحقيقة أن مجلس الشعب يملك سلطة التشريع والرقابة، وبذلك يستطيع تحديد بنود الميزانية وقواعد الرقابة التى تمول الحد الأدنى، وتمنع تخطى الحد الأقصى.

 

أما ثانى هذه الأسباب فهى أن الثورة والثوار يجب ألا يستمروا فى خطأ نسيان وتجاهل معاناة الطبقات الشعبية والشعب الفقير المعذب، نحن ننساهم ونتركهم غارقين فى عذاب التجويع والترويع الناتجين عن أسباب بعضها انتقامى كعقاب للشعب المصرى الذى تجرأ وقام بالثورة، وأكثرها ناتج طبيعى من الظلم والاستغلال والفساد الذى قامت ضده الثورة.. باختصار نحن ننسى أهلنا والمعاناة التى يغرقون فيها، ثم نتعجب من أنهم ينسوننا، ويكفرون بالثورة، ويصدقون من يلوح لهم بأية وعود كاذبة للخروج من هذه المعاناة، إذا كنا نريد ألا ينسانا شعبنا يجب ألا ننسى حقوقه البسيطة الخاصة بالأجر الكريم والصحة والتعليم والسكن، ولا يصح أن نقبل المنطق الذى يقول «اصبروا علينا حتى نصل للسلطة ثم نهتم بكل هذه المشاكل»، يجب أن نهتم بكل هذه المشاكل من اليوم، ببساطة لأن هذه المطالب هى طريق جمع الشعب المصرى العطش لحقه فى الحياة الكريمة مرة أخرى خلف ثورته التى تحاول الثورة المضادة ذبحها بكل الطرق، إن السعى والضغط بكل السبل للدفاع عن حق الشعب فى الحياة، هو المعيارالأبسط والأصدق ــ الذى يجب أن نتمسك به وقت التباس المعايير ــ فى الانتماء لثورتنا المنادية: العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved