قراءة فى خطب ترامب «الواضحة» جدًا.. وفى خطط حذف «فلسطين» واعتماد البديل الأردنى؟!

طلال سلمان
طلال سلمان

آخر تحديث: الثلاثاء 9 أكتوبر 2018 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

فجأة ودون سابق إنذار، أطلق بعض المقربين من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تعبير «صفقة القرن»، بديلا من «أزمة الشرق الأوسط» التى ابتدعت، منذ السبعينيات، للإشارة إلى «القضية الفلسطينية» التى كان لها شىء من القداسة عند العرب، وشىء من الاحترام – مع الحزن – لدى الشعوب الإسلامية ودول العالم الثالث..
و«صفقة القرن» التى شرحت بإيجاز فى البداية، ثم توالت الشروحات والإضافات والتوضيحات، إلى أن تبدى المعنى المقصود عبر القرار المباغت الذى اتخذه الرئيس الأمريكى ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ليحسم ــ بالأمر الواقع – اعتبار القدس «العاصمة الأبدية للشعب اليهودى»!
تزامن ذلك مع إعلان رئيس حكومة العدو قراره باعتبار «إسرائيل الوطن القومى ليهود العالم» بينما غارات طيرانه الحربى مستمرة على الأجواء والأرض السورية بذريعة ضرب القواعد الإيرانية فى سوريا!».
ولقد تبرع العديد من المسئولين الإسرائيليين لتهديد لبنان أيضا..
بل إن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو قد حمل معه إلى الأمم المتحدة خريطة لما ادعى أنها مواقع عسكرية لـ«حزب الله» وبالتالى إيرانية، من حول مطار بيروت الدولى.. مما دفع وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل إلى دعوة السفراء العرب والأجانب إلى جولة فى حرم هذا المطار اليتيم فى لبنان، ومن حوله، لكى يثبت لهم – بالعين المجردة – أن هذا الحرم لا يمكن أن يتسع لمثل تلك القواعد، لا فوق الأرض ولا تحتها..
تثبت السفراء من أن مساحة المدرجات وما يحيط بها لا يمكن أن تتسع لقواعد عسكرية.. خصوصا وأن تجربة «حزب الله» على امتداد عشرين سنة من المقاومة ومواجهة الحرب الإسرائيلية فى صيف العام 2006 تشهد بأنه لم يقترب بقواعده من المدن، لا فى الجنوب ولا فى بيروت تحديدا.
وهكذا تبدى كذب نتنياهو مكشوفا بالدليل الحسى الذى لا يدحض.
على أن حملة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للتمهيد لـ «صفقة القرن»، والتى تقضى، حسب مصادر دبلوماسية مطلعة، بأن
«تُمنح» الضفة الغربية، والقدس المحتلة ضمنا للكيان الإسرائيلى، مقابل إعادة إعمار «دولة شرقى الأردن» ببناء مدن وبلدات حديثة فيها، بأسواق ومرافق «حضارية»... ثم يقال للفلسطينيين: تفضلوا، هذا هو وطنكم الجديد!
على أن فضيحة نتنياهو والتصريحات المستفزة للرئيس الأمريكى بخصوص فلسطين والمخططات التى باتت علنية حول ما يرسم «للمستقبل العربى» لم تحرك ساكنا فى وجه أى مسئول عربى شارك فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كل ما فى الأمر أن ممثلى الدول الخليجية ومسئوليها الذين تواجدوا فى نيويورك قد عقدوا اجتماعا على هامش انعقاد الجمعية العامة للتباحث فى تداعيات الحرب فى اليمن، ومخاطر «التدخل الإيرانى» على سلامة الملاحة فى البحر الأحمر..
أما خطاب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد جاء باهتا، وإن هو عبر عن القلق حول ما يتردد «عن صفقة القرن»، دون أن يلوم الولايات المتحدة الأمريكية على وقف مساهمتها فى ميزانية وكالة الغوث الدولية، التى استحدثت أصلا، قبل عشرات السنين، لتكون مكرسة – بالدرجة الأولى – لإغاثة الفلسطينيين الذين طردتهم دولة العدو الاسرائيلى من بلادهم، التى ستبقى بلادهم، إلى «المنافى» فى دول الجوار العربى أو مشردين فى ؟؟؟؟؟؟؟؟ أربع رياح العالم.
***
إلى أين من هنا؟ ومن يهتم بمصير هذا الوطن العربى المهدد بالضياع بين «جنون» ترامب و«رعونة» نتنياهو وغياب الإرادة العربية نتيجة تبعثر الدول العربية وضياعها، بل واستسلام العديد منها لما يقرره «الآخرون» لها، فى البعيد... خصوصا وإن عددا من قادة الدول العربية قد فوضوا إدارة ترامب أن تحسم الأمور بما تراه ضروريا؟!
فى غمرة الحيرة والتمزق العربى خرج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على العالم، مرتين، وخلال جولاته الانتخابية، ليكشف مضمون مكالمته المثيرة، والتى تتضمن إهانات جارحة للملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز.
قال ترامب لملك السعودية ما مضمونه: لسنا مضطرين لأن نقدم لكم أى شىء.. بل عليكم أن تدفعوا ثمن حمايتنا لكم، التى لولاها لكان عرشكم قد سقط! إنكم تدفعون مليارات المليارات على قصوركم، ثم تتقاعسون عن سداد المتوجب عليكم. عليكم أن تدفعوا.. هل تسمعنى؟
لا أحد يقدم مثل خدماتنا، بل وحمايتنا لمملكتكم مجانا!
وبعد وقت، رد ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فأكد ضمنا، ولو بنبرة اعتراضية، ما قاله ترامب لكنه رد على ترامب بأن المشتريات العسكرية السعودية من أمريكا ليست مجانية بل مدفوعة الثمن. ***
بالمقابل، كانت ملفتة الزيارة المفاجئة لولى عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان إلى الكويت، والتى قيل إن الهدف منها هو التفاهم على اقتسام الثروة النفطية فى «المنطقة المحايدة» التى توافق على إقامتها الاحتلال البريطانى مع مشروع الهيمنة الأمريكية فى أواخر الخمسينيات.
وتروى حكايات كثيرة عن تعثر مشاريع لحظتها خطة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان الشهيرة باسم «رؤية المملكة 2030»، وبينها مشروع إنشاء منطقة سياحية بفنادق وملاه ومطاعم فخمة عند طرف البحر الأحمر بالقرب من شرم الشيخ المصرية!.
***
إلى أين يذهب قادة العرب؟ وهل تراهم يدركون ما يفعلون؟
إنهم منقسمون إلى حد أن بعضهم لا يتورع عن التآمر على بعض «أشقائه»، بل ويقاتل بعض «أشقائه»!
إن أهل القمة لا يهتمون، مثلا، بما أصاب ليبيا ويصيبها فى ظل حروب القبائل التى تكاد تدمر العمران فيها.
... ولا هم يهتمون بتطورات الحرب فى سوريا وعليها، خصوصا بعد الغارات الإسرائيلية على بعض مناطقها، والتى تسببت إحداها فى إسقاط طائرة عسكرية روسية فى البحر، قرب قاعدة حميميم السورية.. بينما تحركت روسيا فورا، وأرسلت مجموعة بطاريات من صواريخ أس – 400 إلى السواحل السورية لصد الغارات الإسرائيلية، فى حين رفض الرئيس الروسى قبول اعتذار نتنياهو.
لا أحد سوف يقاتل دفاعا عن العرب بدولهم الغنية والفقيرة.. فهل سينتبه قادة العرب... ذات يوم؟
تلك هى المسألة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved