ليلة گسرت قلب أمة

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 10 يوليه 2014 - 5:20 ص بتوقيت القاهرة

•• أمضى البرازيليون أربعة أيام يبكون على نيمار نجمهم المصاب. والآن سيقضون بقية حياتهم فى غاية الحزن لما أصاب كرة القدم فى بلادهم..

الهزيمة أمام ألمانيا بسبعة أهداف، تعد كبيرة جدا، وقاسية جدا، ومؤلمة جدا، وموجعة جدا. ونفهم أن تصاب منتخبات دول أحيانا بحالات انهيار، ففى تاريخ اللعبة هزائم كبيرة وصاخبة. لكن تلك هزيمة مدوية. ولا يمكن توقعها، ولو تخيلا لأنها لحقت بالبرازيل. وعلى أرضها ووسط جمهورها. وقعت والبلاد كلها كانت تحلم بلحظة الانتصار فى استاد ماراكانا للتخلص من شبح أوروجواى المقيم بأروقة معبد الكرة البرازيلية منذ عام 1950 دون أن يغادر. والآن هناك شبح ألمانيا الذى قد يستقر لمائة عام فى وجدان أجيال من البرازيليين..

•• مشاهد البكاء والألم تعكس إلى أى مدى كسرت تلك الليلة قلب الأمة البرازيلية. وعلى الرغم من الهدف المبكر الذى سجله موللر ظل الجمهور يغنى ويشجع فريقه. وعندما توالت الأهداف الألمانية كما العاصفة على مدى 6 دقائق لتصل النتيجة إلى 5/ صفر. توقف الناس عن الغناء. ولكنهم لم يصمتوا. أخذوا يتمتون ويهمهمون ويتساءلون ماذا يجرى ماذا يحدث؟

لقد وصل الأمر إلى أن كثيرا من الذين تابعوا المباراة فى المعمورة كانوا يسألون حين هز الهدف الخامس شباك البرازي : هل هو الرابع أم الخامس أم الهدف السادس؟

•• هذه نتيجة غير طبيعية على الرغم من إدراك الجميع ضعف هذا المنتخب البرازيلى الذى لم يقدم سحر كرة السامبا وهو يلعب على أرضه ومعه جماهيره. وهذه النتيجة القاسية ليست بسبب غياب نيمار أوتياجو سيلفا، ولا بسبب إشراك فريد أو دانتى. وهذه مباراة لا يجوز فيها التحليل الفنى. فما جرى كله يختصر فى تفوق كامل للألمان مقابل فشل كامل للبرازيليين. رأيت أقدامهم عاجزة ومقيدة وأحيانا مشلولة. وكذلك كانت عقولهم. كان منتخب ألمانيا يجرى، ويمرح، ويستمتع، ويمتع، ويضحك، ويسحر سحرة الكرة، وكان منتخب ألمانيا، كأنه البرازيل بألوان حمراء وسوداء.. وما يمكن قوله فنيا إن ألمانيا هاجمت من اللحظة الأولى بينما كان سكولارى يتثاءب ينتظر بدء هجومه. كان يظن أن المباراة فيها «جس نبض» كأنه يلعب فى الدورى المصرى الذى انقرضت منه أصلا عملية جس النبض. ومبادرة الألمان بالهجوم وبعزيمة وشجاعة أربك فريق البرازيل. وتكرر اختراق الألمان لمنطقة جزاء البرازيل، وتبادلوا الكرة بسرعة ويقظة وسط زحام المدافعين الذى يشبه زحام سيارات الميكروباص فى رمسيس الذى يسفر عن صدامات ومعارك..

•• ما جرى لمنتخب البرازيل هو نتيجة الضغوط الرهيبة، وأولها أنه يلعب على البطولة وهو لا يستحق الوصول أصلا إلى الدور الثانى من البطولة. فهو بلا نجوم وبلا مواهب وبلا عقلية احترافية هادئة. إنه فريق يلعب بعواطفه وليس بعقله. يلعب بمساندة طبيبة نفسية، ولا يستند على أقدامه. وقد حاصره العالم كله بمطلب تحرير ماراكانا من شبح أوروجواى. فإذا بهذا الشبح يستدعى شبحا آخر ألمانى الجنسية سيبقى زمنا طويلا..

هل تصدقون ما حدث؟ هل ما شاهدناه كان حقيقيا؟ هل ما قرأته الآن كان واقعا؟ هل ما كتبته فى السطور السابقة حدث بالفعل؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved