الوساطة الإفريقية الثانية بين الفرقاء الليبيين

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 10 سبتمبر 2017 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب «جبريل العبيدى» جاء فيه، الوساطة الإفريقية الجديدة التى دعت إليها اللجنة العليا للاتحاد الإفريقى حول ليبيا وتستضيفها العاصمة برازافيل، ويرأس اللجنة الرئيس الكونغولى دنيس ساسو نغيسو، وهى مكونة من رؤساء خمس دول إفريقية (جنوب إفريقيا وإثيوبيا وموريتانيا والكونغو والنيجر) وأعلنت مصر حضورها، للخروج من الأزمة الليبية، ودعت إليها رسميا المشير حفتر والسراج ورئيس مجلس الدولة المقترح ورئيس البرلمان الليبى، الذى صرح بـ«أن مجلس النواب شكل لجنة للحوار من أجل تعديل الاتفاق السياسى مع الأطراف الليبية الأخرى، بحيث يكون المجلس الرئاسى من رئيس ونائبين وإلغاء المادة الثامنة المتعلقة بالمراكز العسكرية والأمنية».
الوساطة الإفريقية الأولى بين الفرقاء الليبيين كانت عندما جاء الرئيس الجنوب إفريقى جاكوب زوما وعدد من الرؤساء الأفارقة فى وساطة إلى ليبيا أثناء أحداث فبراير (شباط) 2011. بعد أن قرر الاتحاد الإفريقى تشكيل لجنة للوساطة فى أزمة ليبيا، تتكون من 5 رؤساء هم رؤساء مالى السابق، أمادو تومانى تورى وجنوب إفريقيا جاكوب زوما وموريتانيا محمد ولد عبدالعزيز والكونغو دنيس ساسو نغيسو وأوغندا يويرى موسيفينى، ولكن فور وصولهم إلى بنغازى واجهتهم مظاهرات تعبوية بالرفض، حاولت منع موكب الرؤساء من الخروج من المطار بنينة، ورغم وصول الوفد وجلوسه إلى طاولة المجلس الانتقالى لحراك فبراير فإنه قوبل بالرفض والتعنت والشروط التعجيزية، رغم أن المبادرة فى حينها تضمنت وقفا فوريا للحرب، وبدء محادثات تشارك فيها جميع الأطياف الليبية المختلفة، بما فى ذلك المعارضة، بهدف إنشاء «فترة انتقالية شاملة» لاعتماد وتنفيذ «الإصلاحات السياسية الضرورية المتسببة فى الأزمة، لكن مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الوطنى الانتقالى حينها رد بالقول إن المبادرة لا تتضمن ما يلبى مطلبهم الرئيسى، وهو إنهاء حكم الزعيم الليبى المستمر منذ أكثر من أربعة عقود و(رحيل القذافى وأبنائه عن المشهد الليبى) مما تسبب فى عودة الوفد خائبا حتى من دون خفى حنين، رفض سابق دفع الليبيون بعده ثمنًا باهظًا من حروب متعددة الأسباب يجمعها شريك واحد هو المزيد من القتلى الليبيين بشعارات مختلفة، طوال 7 سنوات عجاف لم ينل منها المواطن سوى القتل والاغتيال والفزع والرعب والتهجير والنزوح، ومافيا أثرياء الحروب وغسل الأموال، وارتفاع ثمن رغيف الخبز، بل وحتى العجز عن شرائه.
الاتحاد الإفريقى ينتمى إلى رباعية مختصة بليبيا، تضم الاتحاد الأوروبى، وجامعة الدول العربية، وهيئة الأمم المتحدة، وتكرار الرفض مرة أخرى للوساطة الإفريقية يعتبر خطيئة جديدة، وفرصة مهمة لإيجاد حل من المحيط، فالمساعدة على الحل من محيط إفريقى لم يشارك فى دعم الميليشيات لا فى السابق ولا الحاضر، ولم يسع إلى احتضان أى جماعة متطرفة باستثناء الاتهامات التى تواجه السودان بدعم جماعة الإخوان، ولكنه ليس طرفا ولا عضوا فى الرباعية الإفريقية.
الاتحاد الإفريقى اعتزل التدخل فى الأزمة الليبية بعد رفض وساطته فى فبراير (شباط) 2011، فالاتحاد الإفريقى لم يكن جزءا من الأزمة، وبالتالى يمكن له أن يكون جزءا من الحل، وليس مثل بعض المؤسسات العربية التى طلبت ووافقت على التدخل العسكرى فى ليبيا 2011.
صحيح أن إفريقيا مثقلة بمشكلاتها ونزاعاتها، ولكن تبقى ليبيا جزءا أصيلا من إفريقيا وبوابة شمالية لها ومؤسسا فعالا فى الاتحاد، ولعلها تكون أفضل من عصابة تقاطع المصالح والتصارع على ليبيا كبئر بترول أو ككعكة، وليس كوطن ومواطن تحت معاناة.

الشرق الأوسط ــ لندن

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved