آمال وأموال الأرض ومواردها الأولية

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الجمعة 10 أكتوبر 2014 - 8:35 ص بتوقيت القاهرة

هل تم مسح الأراضى لمعرفة أسرع وأسهل ما يمكن التعامل معه من الخيرات الظاهرة على سطح الأرض؟

أسأل هذا وأنا أعرف أن مصرنا تمتلك واحدة من أقدم مؤسسات البحث العلمى وهى هيئة المساحة الجيولوجية سابقا، وحاليا تسمى الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، وهذه الهيئة أنشأها المحتل الإنجليزى سنة 1896. يدفعنى لذلك ليس الشك فى قدرة البيروقراطية الرهيبة، ولا «نسيان الجهود العالمية الرسمية وغير الرسمية» للتعرف على أرضنا وتصنيف مخزوناتها، فالدافع الرئيسى لسؤالى هو الحيرة والعجب من كافة أنظمة الحكم والتحكم دون استثناء ـ قصرت المدة أم طالت ـ فالشاهد والمعاين الذى لا شك فيه أن جميع الأنظمة يشهدون على أنفسهم بما أعلنوه، وما عملوه أنهم يستحقون وبجدارة أن يوصفوا إما بالجهل والعجز الفاضح، وإما العمالة لأعداء هذا الوطن، وإما الحقد على هذا الشعب الذى لم يجد حتى اليوم من يحنو عليه.

وليس هذا فحسب بل العجب العجاب أن أى نظام حكم عاقل يدرك الأبجديات الرشيدة للاستقرار والاستمرار، وأبسطها كفاية المجتمع حيث إن الحكومات تتمنى الاستمرار على أريكة الحكم رغبة فى نفع المواطنين أو فى نفع أنفسهم ولو معنويا بحب الزعامة والرياسة، وليس ذلك بالعيب الخطير إنما العيب أن ينشد الإنسان «غاية ما» دون أن يتخذ لها الوسائل المعقولة والمطمئنة ما دامت متاحة كى تسرع بوصولنا للغاية التى نريد تسرع وصولنا للغاية التى نريد. فهل ننسى منطق الفطرة والعقل يؤكد أن البقرة لا تنتج لحما ولا لبنا إلا إذا أكلت جيدا، وأن الإنسان لا يستطيع القيام بمسئولياته إلا بعد استيفاء ضروراته (الطعام/الشراب/الملبس/ المسكن/ العلاج)؟ لهذا فسرعة المبادرة لإيجاد مخارج ميسورة من أزماتنا الخانقة. إن المجتمعات التى نرجوها تفتح للدولة فرصا واسعة لتخفيف مسئوليتها عن الغذاء بكل لوازمه حتى رغيف الخبز فتتحمله المجتمعات الجديدة تزرعه وتطحنه وتتولى إعداده منزليا ليرفع مسئولية الملايين عن كاهل الدولة.

-2-

أليست الجبال الصخرية الحاوية لأنواع متعددة من الأحجار والرخام والجرانيت... إلــخ أليست هذه مواد أولية متاحة لا ينقصها سوى الآلات البسيطة والاستخراج؟! حيث إن التدريب على هذا العمل تدريبا أوليا سريعا؟ أليس لهذه المواد قيمة اقتصادية تشجع على استخراجها والانتفاع بها داخليا أو تصديرها؟ والكل يعرف أن بعض رمال سيناء تُصدر للخارج بمقابل نقدى عالٍ نظرا لتميزها فى إنتاج البلور، فماذا يجب علينا فورا تجاه سطح الأرض المكلفين بحراستها؟!.

فهذه مواد أولية جاهزة لاستخراجها وتجهيزها أولا، والجهود متوافرة ومعطلة، وبعد ذلك مرحلة أكثر إشراقا إما بتصنيعها وإما بتصديرها. إن هذه الأرض البكر أرض واعدة يمكن أن تتكفل بمتطلبات المجتمعات التى تنشأ فيها، وتصبح قلاعا صناعية أو زراعية لمصرنا وللاقتصاد العالمى إذا وجدت منا قلبا حانيا وعقلا واعيا وإرادة سياسية مهمومة بإيجاد حلول لإخراج الـ90 مليون مصرى من الأزمات الخانقة المهددة للبلاد والعباد. بما لا يُحمد عقباه وما نحتاج لتوقيه وتجنبه، فكيف إذا كانت فكرتنا تصنع مخرجا من الأزمات وجسرا قويا للانتقال نحو الكفاية والرقى؟!

-3-

وإلحاحنا على ضرورة إقامة صناعات استخراج الأحجار والصخور فضلا عن الأنواع المختلفة من الرمال ليس مصدره البحث عن العمل أو الدخل فحسب، إنما مرجع هذا الإلحاح إلى سببين رئيسيين هما: الرغبة فى تحميل المواطنين مسئولياتهم أمام أنفسهم ووطنهم وتخفيف الزحام عن الوادى بما أصابه من عدم صيانة وعشوائيات، وذلك التخفيف كما قلنا يعطى المواطن حقه فى حياة كريمة ويعطى الدولة قدرتها على ممارسة وظائفها الإدارية والأمنية سواء فى المجتمعات الجديدة أو الوادى الحالى حيث المنتظر أن تتلاشى العشوائيات وتخف حدة الزحام فى القاهرة والأقاليم الأخرى فيزاول الأمن نشاطه بكفاءة تحقق أمن المواطن وهيبة الدولة، والسبب الثانى وهو الأهم أن الله جل جلاله قد خلق خزائن الأرض طبقات بعضها فوق بعض، وخصص جل شأنه لكل جيل ما تطوله قدرات أياديه من مهارات وجهود فنستخدم الطبقات الظاهرة والماثلة للعيان، فإذا ما انتهى جيل من الأجيال فى استهلاك حقه من الطبقات الظاهرة له انكشفت طبقات أخرى وكنوز تتيح للدولة وشعبها أن يتمتعا بمخزونات الأرض كما وعد الخلاق العليم ((وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..)).

يتبع،،

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved