حالة إنكار

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 11 فبراير 2011 - 10:09 ص بتوقيت القاهرة

أحد علماء النفس وصف خلال حوار فضائى مساء الثلاثاء الماضى الحالة التى يعيشها الرئيس حسنى مبارك الآن بأنها تدعى «حالة إنكار». هذه الحالة تجعل من يعيش فيها لا يرى الواقع، بل يرى فقط ما يتصوره هو، لا يصدق الحقائق الموجودة، بل الأوهام التى يتخيلها.

هذه الحالة عاشها كثيرون قبل مبارك، وفى التاريخ القريب فإن الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن أحد أبرز الأمثلة الصارخة لها.. بل إن هناك كتابا شهيرا بنفس العنوان للكاتب الأمريكى الشهير بوب وودوراد عن بوش صدر عام 2006.

العالم كله تأكد أن بوش أخطأ وأجرم فى غزوه وعدوانه ضد العراق ومعظم الرأى العام الأمريكى اقتنع بنفس الفكرة، لكن بوش وحده ومعه عصابة إسرائيل ظل ينكر كل ذلك ويتصور أنه كان مبعوثا من الله لتغيير الوضع فى العراق.. وكلنا يعلم ما هو التغير الذى حدث هناك..

هناك إنجازات للرئيس مبارك خصوصا دوره كقائد للقوات الجوية فى حرب أكتوبر المجيد، لكن تشرشل قاد أعظم انتصار لبريطانيا ربما فى تاريخها، ورغم ذلك عندما أسقطه الشعب فى الانتخابات، لم يقل إن البريطانيين شعب ناكر للجميل، وانصرف إلى بيته فى هدوء وهو ما حدث مع القائد التاريخى لفرنسا شارل ديجول.

فى البلدان الديمقراطية المحترمة، يغير الشعب الحكام كما يغير ملابسه الموسمية أحيانا.لكن فى البلدان النامية والمتخلفة فإن الموت فقط أو الانقلاب هو أداة التغيير الرئيسية.

إذا ثبت أن مبارك يعيش حالة إنكار.. ويتصور أن عددا من يريدون استمراره رئيسا أكبر من عدد المعارضين. فما السبيل لاقناعه بأن غالبية الشعب لم تعد تريده رئيسا؟!.

هناك أكثر من سبيل، أولها أن يكلف أحد أجهزته بعمل استطلاع رأى سريع شرط ألا يكون شبيها باستطلاعات المهندس أحمد عز، وثانيا أن يرسل الرئيس شخصا يثق فيه ليسير فى المظاهرات ليعرف كيف انقلب الشعب ضده.

أما الطريق الثالث فهو أن يتقدم شخص أو مجموعة أشخاص يحبون الرئيس ويكون هو واثقا فيهم ويقولون له بوضوح إن الأمر انتهى وغالبية الشعب لم تعد تريدك.. وآن الأوان أن تستريح الآن بطريقة كريمة، وكل تأخير فى اتخاذ هذا القرار قد يزيد الأمور صعوبة وتعقيدا،وإذا فشل هذا الخيار، فهناك ربما الطريق الرابع والاخير ونرجو الله أن يجنبنا عواقبه.

يفترض أن المحيطين بالرئيس مشغولون ومهممون بمصر وأمنها وتقدمها.. والمؤكد أن بعضهم مقتنع تماما بأن الأمر انتهى، وأن استمرار العناد والإنكار قد يكلف مصر الكثير.

يفترض أن يعرف هؤلاء أين هى مصلحة مصر.. ويفترض أن يسألوا أنفسهم سؤالا رئيسيا هو: أيهما أهم: مصلحة مصر.. أم مصلحة الرئيس حتى لو كان ــ فرضا ــ على حق وهو ليس كذلك؟!. الذين يريدون التغيير فى ميدان التحرير وكل مصر.. لا يرغبون فى مجىء الإخوان للسلطة أو تولى البرادعى الحكم. هم يريدون فقط تنحى مبارك ثم فترة مؤقتة حتى تتم التعديلات الدستورية لكى تنطلق مصر إلى المكانة التى تستحقها.

ما الذى سيحدث لو تخلى مبارك عن صلاحياته لعمر سليمان؟!.

وجود الجيش ــ هذه المؤسسة الوطنية العريقة ــ خير ضامن للمرحلة الانتقالية، وبعدها فلنترك الشعب يختار حياته بالطريقة التى يريدها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved