جريمة على النيل

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 11 مارس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

•• احترق تاريخ كرة القدم فى مصر. تاريخ يقترب من المائة العام، فيه الوثائق والجوائز. وكانت هناك عمليات سرقة ونهب لأموال وأوراق وكئوس. ولو تعرض الاتحاد الإنجليزى لمثل تلك الكارثة لأعتبر هذا الاعتداء بمثابة اعتداء على قصر باكينجهام، لأنهم يحترمون تاريخهم الرياضى بقدر ما يحترمون تاريخهم السياسى والاجتماعى.. وكان من المفترض أن تغضب الدولة الرسمية لهذا الاعتداء على مقر اتحاد الكرة.. لكن لماذا تغضب.. وهى أصلا لم تغضب حين حرق عمدا مقر المجمع العلمى بما يحتوى من وثائق..

 

•• ألتراس أو مش ألتراس.. التصنيف يبدو مهما عند الناس، ويعتبر دليل جرأة وشجاعة، والواقع أنه أمر لا يهم ففى النهاية، من قام بهذا الفعل ارتكب جريمة شنعاء. ومن اعتدى وحرق مقر نادى الشرطة ارتكب جريمة شنعاء. ومن فعل ذلك ويهدد بالمزيد، ومن تلك التهديدات حرق برج القاهرة، وهذا تهديد لا يختلف عن تحطيم معبد الكرنك أو تمثال أبوالهول،  فلا شىء يستحق أو يساوى، ولا قيمة لمن لا يدرك معنى القيمة.. فهل يمكن أن يهتم مجرم يحرق أو حرامى يسرق المال والكئوس بالتاريخ أو بالتراث؟!

 

•• حرق مقر اتحاد كرة القدم ومقر نادى الشرطة عمل إجرامى يساويه تماما الاعتداء على مقر جريدة الوفد ومقر جريدة الوطن. ونحن مازلنا ننتظر التحقيق مع الذين حرقوا ودمروا مقر الوفد، وقد مضى على الجريمة ثلاثة أشهر. ونأمل، وقد نسينا معنى الأمل، أن تلقى قوات الأمن القبض على الذين حرقوا وخربوا مقرات الوطن والاتحاد ونادى الشرطة أن تجرى محاكمتهم وعقابهم..

 

•• أتساءل وأنا أقرأ وأسمع الاتهامات والتحليلات تتطاير فوق رءوسنا: هل من مصلحة السلطة التى تحكم إشاعة الفوضى حقا كى تدفع بميليشياتها (إذا كانت تملك ميليشيات).. أم أنه من مصلحة السلطة التى تحكم نشر الأمن والهدوء والاستقرار؟!

 

•• الإجابة: لم أترب على التفكير الشيطانى التآمرى الجهنمى وربما أكون رجلا طيبا، ولذلك أرى أن عمليات النهب والإخلال بالأمن، والحرق والتدمير وقطع الطرق، هدفه الوحيد إسقاط السلطة التى تحكم ولو كان ذلك على أجساد المصريين وجثة مصر.. ولذلك فإن من يسعى إلى نثر ونشر الفوضى هو مجرم وسافل ومنحط وحقير.. لكن للأسف أن السلطة بطيئة التفكير والفعل.. فمثلا بعد لقاء القبض على متهمين بقتل حارس محافظ البنك المركزى فى عملية سطو وسرقة سيارته،  كنت أتوقع سرعة التحقيق، وسرعة إعلان النتيجة، وسرعة معاقبة قاتل أمين الشرطة بالإعدام، حتى يدرك كل من يقطع طريق مواطن ويخطف ويسرق ويقتل أنه سيواجه حكم الإعدام.. إلا أن هناك عجزا فى علاج غياب الأمن، وعجز فى التفكير أصلا بكيفية التعامل أمنيا مع جرائم العنف بالمجتمع.. لأن الدولة مشغولة بالصراع السياسى وبالصراع على السلطة وبالصراع على المستقبل؟!

 

•••

 

•• كارثة أخرى: تتحفنا البرامج بشخصيات تحلف باحترامها للقضاء الشامخ.. ثم تبدأ حلقات تحليل الأحكام وتفنيدها فى مخالفة مذهلة للنظام العام وقد سمعت وشاهدت ناشئا سياسيا ينتقد حكم قضية بورسعيد كأنه يصف عملية مصران أعور.. الصبر يارب؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved