هل تحقق «مسيرة العودة» أهدافها؟

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 11 أبريل 2018 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

انطلقت فاعليات مسيرة العودة الفلسطينية الشعبية من عدة مناطق فى قطاع غزة فى الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض فى الثلاثين من مارس الماضى، والمسيرة فعل كفاحى جديد لن ينتهى إلا بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم المحتلة التى أنشئت عليها إسرائيل قبل سبعين عاما. ولن تقتصر التظاهرات التى تستمر إلى منتصف شهر مايو المقبل على سكان قطاع غزة، بل ستتسع المسيرة لتشمل الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية والقدس، ومناطق اللجوء الفلسطينى فى الأردن ولبنان وسوريا ومصر باتجاه الحدود القسرية مع المناطق المحتلة عام 1948. ومن شأن استمرار الحراك الشعبى الفلسطينى أن يمهد لتضامن دولى حقيقى مع الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، خصوصا مع تفاقم عنصرية إسرائيل التى توضحت صورها مع ارتفاع وتيرة قتل واعتقال الأطفال الفلسطينيين فى الآونة الأخيرة.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مسيرة العودة تهدف، كما يؤكد منسقوها، إلى تنفيذ وتطبيق حق العودة لستة ملايين ونصف المليون لاجئ فلسطينى إلى وطنهم.

اللافت أن لمسيرة العودة الفلسطينية صدى مدويا فى الساحة السياسية الإسرائيلية، حيث أشار الخبير الإسرائيلى فى شئون الإعلام والأمن يونى بن مناحيم «إلى أن هناك عدة أهداف يسعى الفلسطينيون إلى تحقيقها رزمة واحدة من خلال مسيرات العودة على الحدود فى قطاع غزة، جنبا إلى جنب مع ابتكارهم طرقا جديدة وحيوية لانتفاضة من نوع آخر، واستراتيجية تهدف إلى تسخين الحدود لإلغاء صفقة القرن، واعتبرها بن مناحيم «استراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية بعد انتفاضات الحجارة والسكاكين والسلاح النارى، وقد أتى الدور اليوم على انتفاضة الجماهير المحتشدة من خلال مظاهرات ذات طابع سلمى، وبذلك ارتدت الفصائل الفلسطينية زيا جديدا من الثورة الشعبية». ومن الأهداف التى حددها الخبير الإسرائيلى، عودة القضية الفلسطينية وحق العودة للفلسطينيين إلى أجندة السياسة الإقليمية والدولية والتسبب بإحراج إسرائيل فى الساحة الدولية، لأن الفلسطينيين نجحوا بتصوير جيشها يطلق النار ليقتل الفلسطينيين، هذا فضلا عن إعادة طرح موضوع حصار غزة والأزمة الإنسانية فيها من جديد إلى صدارة الاهتمام العالمى، كما أن لمسيرة العودة هدفا هاما يتمثل بوضع المزيد من العقبات أمام صفقة القرن للرئيس الأميركى دونالد ترامب، من خلال تحويل حدود غزة الشرقية والجنوبية والشمالية إلى مراكز احتكاك جديدة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلى، بغية استعادة الطابع الشعبى للصراع الذى يخوضه الفلسطينيون. وتخوف الخبير الإسرائيلى من تمكن الفلسطينيين فى قطاع غزة من إيصال رسالتهم إلى مجلس الأمن والجامعة العربية، ومن ثم الضغط لعقد جلسات طارئة قد ينقل القضية الفلسطينية من الواقع الإقليمى إلى الواقع الدولى.

ثمة تخوف إسرائيلى من استمرار مسيرة العودة، حيث ينظر الجيش الإسرائيلى إليها بمنتهى الخطورة، وقد ألغيت إجازات جنود الاحتلال، وأعلن حالة الاستنفار استعدادا لإمكانية حدوث تصعيد فى الأسابيع المقبلة، وقد اجتمع الجيش بقيادة رئيس الأركان أيزنچوت يوما كاملا على طول الحدود واتخذوا عددا من الإجراءات الوقائية لمنع اقتحام السلك الشائك الفاصل، واعتمدوا فى التعامل مع المظاهرات قاعدتين سيتم إلزام الجيش بتنفيذهما، الأولى، منع قتل أعداد كبيرة، والثانية، منع تجاوز السلك الفاصل بأى ثمن، وقرروا الآتى: توزيع بيانات ومنشورات من الجو تحذر المتظاهرين من عواقب تجاوز السلك الفاصل، وإطلاق النار فى الهواء، وقنابل دخانية، وقنابل صوتية وغازية، واستخدام الطلقات النارية.

بعد الهواجس الإسرائيلية المشار إليها من استمرار مسيرة العودة وتوسيع إطارها المكانى والزمانى والشعبى فى شكل مدروس، تبرز إلى الأمام أسئلة عديدة فى المقدمة منها، هل تحقق المسيرة أهدافها المتشعبة وفى المقدمة حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم؟ صحيح أن الشعارات التى رفعها منسقو المسيرة محقة وعادلة وتستند إلى قرارات دولية فى مجملها، لكن ثمة مخاوف من عدم رسم الخطوات اللاحقة للحراك الشعبى فى شكل منهجى ومدروس، ولهذا لابد من دعم الحراك فى مستويات عديدة، فى الجانب السياسى تتطلب الضرورة دعما مطلقا من جميع الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية لمسيرة العودة باعتبارها نوعا كفاحيا جديدا له بُعده الشعبى، ولهذا يجب تغييب المصالح الفصائلية الضيقة لحساب دعم الحراك الشعبى باعتباره يخدم أهداف النضال الفلسطينى، وإلى جانب ذلك تتطلب الضرورة أيضا إبداء المشورة والنصح من قبل شخصيات متخصصة فى القانون الدولى، وأصحاب الرأى والفكر لترشيد الحراك الشعبى الفلسطينى بحلته الجديدة (مسيرة العودة الكبرى).

نبيل السهلى
الحياة ــ لندن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved