بالرغم من الانقسامات داخلها لا تزال بوكو حرام فى أوج قوتها

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الإثنين 11 يونيو 2018 - 9:22 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للباحث «عمر محمود» يتناول فيه قضية الأعمال الإرهابية فى منطقة بحيرة تشاد والتى لا تزال مستمرة بقوة على الرغم من انقسام جماعة بوكو حرام إلا فصيلين، إلا أن هذا لم يؤثر على وتيرة أعمال العنف بالشكل المطلوب، ويركز على ضرورة محاربة الإرهاب فى المناطق الريفية إلى جانب المناطق الحضرية والتى لا زالت أعمال العنف تشكل خطرا على حياة القاطنين فيها.

يستهل الباحث الحديث عن أنه لا زالت أعمال العنف والتطرف تجرى على قدم وساق فى منطقة بحيرة تشاد منذ العام الماضى، حيث ارتفعت نسبة أعمال العنف فى عام 2017 مقارنة بأعمال العنف فى 2016. هذا على الرغم من الانقسامات الداخلية فى بوكو حرام حيث انقسمت إلى فصيلين: جماعة أهل السنة الإسلامية للدعوة والجهاد والدولة الإسلامية فى غرب إفريقيا إلا أن هذا الانقسام لم يضعف الجماعة. بل على العكس من ذلك يتزايد العنف بشكل مستمر، ولا زال التقدم فى عمليات مكافحة التطرف خلال العام الماضى محدودا.
ويحتفظ معهد الدراسات الأمنية بقاعدة بيانات للحوادث العنيفة التى يُحتمل أن تُعزى إلى المتطرفين فى منطقة بحيرة تشاد. ففى عام 2017، تم تسجيل ما يقرب من 362 هجوما ــ بزيادة 29٪ عن 280 فى 2016 وأقرب إلى 392 هجوما عام 2015.
وتعتمد قاعدة البيانات على التقارير الإعلامية، وبالتالى تعانى من المحدودية بسبب صعوبة الوصول إلى معلومات عن بعض المواقع البعيدة والتواصل معها. وعلى الرغم من أن قاعدة البيانات توفر رؤية شاملة عن هذه العمليات الإرهابية فإنه على أرض الواقع قد تكون الحصيلة الحقيقية للدمار أعلى بكثير.

من الجدير بالذكر أنه تم تسجيل نصف الحوادث فى ولاية بورنو النيجيرية (مركز الأزمة». حيث انخفضت نسبة أعمال العنف فى مقاطعة أقصى شمال الكاميرون ــ ثانى أكثر المناطق تضررا من العنف ــ من 45٪ من إجمالى الهجمات الإرهابية فى عام 2016 إلى 35٪ فى عام 2017. وقد وقع أكثر من 60٪ من جميع أعمال العنف المسجلة فى ولايات شمال شرق نيجيريا الثلاثة (بورنو ــ آداماوا ــ يوبى).

ويرجع السبب فى ذلك فى المقام الأول إلى زيادة أعمال العنف فى كل من ولايتى بورنو وآداماوا، وظلت نسب أعمال العنف ثابتة فى الكاميرون. لقد ارتفعت الهجمات فى بورنو من 120 عام 2016 إلى 189 عام 2017، فى حين واجهت ولاية آداماوا قفزة مماثلة فى أعمال العنف وسجلت ارتفاعا من 7 هجمات إرهابية فى عام 2016 إلى 26 فى عام 2017.

ويضيف الباحث أن معظم الهجمات وقعت فى آداماوا فى منطقة الحكومة المحلية فى ماداجالى، على طول الحدود مع ولاية بورنو. وفى سياق متصل نجد أنه فى الكاميرون تم ارتكاب أكثر من نصف الحوادث المسجلة فى مقاطعة مايو ــ سافا التابعة لمقاطعة أقصى الشمال على طول حدودها مع بورنو أيضا.

لقد تم استهداف أكثر من 90 بلدة فى بورنو فى عام 2017، لكن ميدجرى عاصمة ولاية بورنو كانت المركز الحضرى الذى شهد أكبر عدد من الاعتداءات بلغ ما يقرب من48 هجوم حتى الآن، وكانت معظم هذه الهجمات الانتحارية صغيرة الحجم إلا أنها تعكس هاجس المتشددين المستمر من عاصمة ولاية بورنو..

من الصعب التحقق من أعداد الوفيات، ولكن تم تسجيل ما يقرب من 1500 حالة وفاة فى عام 2017، وهى نسبة تقارب مثيلتها فى عام 2016 ــ على الرغم من زيادة عدد الهجمات ــ، وأقل بكثير من العدد المسجل فى عام 2015 بأكثر من 5000 شخص.
وهذا دليل على أن الأعمال الإرهابية أصبحت أقل فتكا وخطورة فى المنطقة. قد يرجع ذلك إلى فقدان المسلحين مساحات كبيرة من الأراضى التى كانوا يسيطرون عليها بسبب المواجهات العسكرية وزيادة الاعتماد على الهجمات الانتحارية الأقل فاعلية.
ومع ذلك، لا يزال المدنيون يعانون بشكل مستمر، حيث يشكلون 44٪ من مجموع الوفيات المسجلة وهذه النسبة ترتفع عن نسبة المقاتلين أنفسهم، لا يزال العنف منتشر على نطاق واسع. ويشير ذلك إلى أنه على الرغم من انقسام بوكو حرام إلى فصيلين ــ ويرجع ذلك أساسا إلى عدم الاتفاق حول جواز قتل المدنيين المسلمين ــ إلا أنها مازالت تمثل خطرا على القاطنين فى منطقة بحيرة تشاد.

***
يُعد العنف فى بحيرة تشاد حدثا يوميا، حيث يقع ما يقرب من 30 هجوما شهريا فى المتوسط فى عام 2017 وتم تسجيل ما يقرب من 44 هجوما فى يونيو 2017 وربما ترتبط الزيادة الحادة فى شهر يونيو إلى ارتباطه بشهر رمضان عند المسلمين، وهى الفترة التى يميل فيها العنف الجهادى إلى الارتفاع فى جميع أنحاء العالم.

تكشف أنواع الهجمات أيضا عن اتجاهات مهمة. شكلت الهجمات الانتحارية نسبة 41٪ من جميع الهجمات فى عام 2017، مسجلة ارتفاعا من 26٪ فى عام 2016.

ومن الجدير بالذكر أن ما يقرب من نصف هذه الهجمات الانتحارية نفذتها النساء، وهذه النسبة ظلت ثابتة إلى حد كبير منذ ظهور الهجمات الانتحارية النسائية على نطاق واسع فى عام 2014. ويمكن تصنيف ثلث هذه الحالات على أنها «هجمات فاشلة» ــ إما أنها تعطلت قبل الوصول إلى الهدف أو أنها لم تسفر عن أى وفيات سوى الانتحارى الذى نفذ الهجوم.

ومن الجدير بالذكر أن معظم أعمال العنف فى منطقة بحيرة تشاد لم يعلن أحد عن مسئوليته تجاهها ــ وأقل من 5٪ من الهجمات فى عام 2017 أعقبها بيان بالمسئولية. ومع ذلك، يشير تحليل مكان وكيفية وقوع الهجمات إلى أن جماعة أهل السنة الإسلامية للدعوة والجهاد كانت مسئولة عن معظم هجمات عام 2017.

والهجمات التى تنفذها جماعة أهل السنة الإسلامية للدعوة والجهاد تعتبر أقل فتكا حيث يؤدى الهجوم إلى ما يقرب من نحو أربع وفيات مقارنة بـ 11 وفاة فى الهجمات التى تنفذها الدولة الإسلامية فى غرب إفريقيا. وهذا يدل على أنه فى حين أن جماعة أهل السنة الإسلامية للدعوة والجهاد قد أطلقت العنان للعنف، فإن الهجمات الأقل تواترا من الدولة الإسلامية فى غرب إفريقيا من الممكن أن تكون أكثر ضررا.

***

ويختتم الكاتب بالقول إنه على الرغم من انقسام بوكو حرام إلى فصيلين، فإن العنف استمر فى منطقة بحيرة تشاد بلا هوادة فى عام 2017. مع اختلاف أنماط الهجوم حسب المجموعة، إلا أن العنف استمر بشكل عام، بل تزايد فى بعض الحالات.
ومع ذلك لا يمكننا إنكار أنه تم تحقيق بعض المكاسب الإيجابية، لا سيما انخفاض التأثير العنيف للجماعات المتطرفة فى منطقة بحيرة تشاد. بشكل عام كان عدد الوفيات بين المدنيين أقل من السنوات السابقة، فى حين أن الاعتماد المتزايد كان على الهجمات الانتحارية غير الفعالة إلى حد كبير من قبل فصيل جماعة أهل السنة الإسلامية للدعوة والجهاد ويشير هذا إلى تدنى المستوى العسكرى.

إلا أنه بشكل عام ما زال العنف فى المنطقة مرتفعا. وتعتبر المناطق الريفية غير آمنة إلى حد كبير، ومن ثم لابد من توسيع نطاق الحماية إلى ما هو أبعد من المراكز الحضرية ليشمل المناطق الريفية لضمان استمرار انخفاض العنف فى منطقة بحيرة تشاد فى عام 2018 وما بعده.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved