المطلوب لإصلاح الخدمة الصحية

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 11 يوليه 2018 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

لم نسمع للسيدة الفاضلة الطبيبة هالة زايد وزيرة الصحة تعليقا على مخصصات الصحة فى موازنة العام المالى الحالى التى التي زادت من 54.9 مليار جنيه خلال العام المالى الماضى إلى 61.8 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى فقط فى حين أن معدل التضخم المتوقع للعام المالى الحالى فى ظل إجراءات الإصلاح الاقتصادى نحو 14%.
ولم نسمع للسيدة الوزيرة تعليقا على قرار نقل تبعية عدد من مستشفيات من قطاع الطب العلاجى الذى يقدم علاجا مجانيا مهما كان محدودا للفقراء والبسطاء، إلى قطاع أمانة المراكز الطبية المتخصصة الذى يقدم خدماته لمن يدفع فقط.
ولم نسمع للوزيرة تعليقا على النقص الحاد والمزمن فى كل مستلزمات العلاج فى مستشفيات وزارة الصحة المجانية حتى بات شراء المريض للعلاج ومستلزماته من الخارج أثناء وجوده فى المستشفى الحكومى أمرا شائعا ومستقرا.
ولم نسمع للوزيرة صوتا عن تزايد شكاوى العاملين فى المستشفيات الحكومية من أطباء وتمريض وإداريين من الزيادة الكبيرة فى أعداد المترددين على هذه المستشفيات خلال الفترة الأخيرة نظرا لتدهور الأوضاع المعيشية لقطاعات واسعة من المصريين الذين كانوا قادرين قبل ذلك على البحث عن الخدمة الصحية بعيدا عن وزارة الصحة، لكن ارتفاع الأسعار وتدهور الدخول الحقيقية أجبرتهم على اللجوء إلى المستشفيات العامة.
تركت الوزيرة كل هذا وأكثر وقررت غرس روح الوطنية والانتماء و«إرساء القيم وعودة ثقافة الأخلاق وتذكير الأطباء بالقسم الذى أقسموا عليه عقب تخرجهم فى كلية الطب» على حد قول المتحدث باسمها الدكتور خالد مجاهد من خلال إلزام المستشفيات بإذاعة السلام الوطنى وقسم أبقراط فى إذاعاتها الداخلية كل يوم.
فهل السلام الجمهورى وقسم أبقراط سيكفيان لعلاج النقص الشديد فى الأدوية والمستلزمات الطبية فى المستشفيات الحكومية؟
وهل السلام الجمهورى سيرفع الحس الوطنى لدى المرضى وذويهم فلا يعتدون على الأطباء والعاملين فى المستشفيات عندما يقولون لهم إنه لا يوجد سرير خالٍ فى الرعاية المركزة للمريض أو لا توجد حضانة لوليد يحتاجها؟
وهل السلام الجمهورى وقسم أبقراط يكفيان لتلبية احتياجات الطبيب المعيشية بالراتب الزهيد الذى يحصل عليه من الوزارة فلا يحتاج إلى العمل فى مستشفى خاص أو مستوصف ويكرس كل وقته للمستشفى الحكومى ومرضاه؟
وهل سنتوقف عن استقدام الأطباء والخبراء الأجانب الذين لن يرددوا معنا نشيدنا الجمهورى كل صباح ولم يحصلوا على الجرعة المطلوبة من «الوطنية والقيم النبيلة»؟
ثم إن أطباء وزارة الصحة ومستشفياتها والعاملين فيها لا تنقصهم الوطنية ولا الإنسانية وإنما تنقصهم الأدوية اللازمة لعلاج المرضى الذين يترددون على المستشفيات، ولا ينقصهم الالتزام الأخلاقى والقانونى تجاه المرضى وإنما تنقصهم الأجور العادلة التى تغنيهم عن اللف على المستشفيات الخاصة والمستوصفات والمراكز الطبية فتستنزف قدرتهم النفسية والجسمانية على خدمة المرضى على الوجه الأمثل.
المفارقة أن السيرة الذاتية للسيدة الفاضلة الدكتورة هالة زايد تقول ببساطة إنها «دارسة إدارة جيدا»، ولكنها بدلا من البحث عن حلول علمية وعملية لتدهور الخدمات الصحية فى البلاد، انطلاقا من قواعد وأسس علم الإدارة، لجأت إلى إجراء شكلى لا يشفى مريضا ولا يرضى طبيبا، وإنما جعل من النشيد الوطنى الذى يحظى بكل تقدير واحترام من كل المواطنين مادة للتندر والسخرية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved